إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَكَيۡفَ إِذَا جَمَعۡنَٰهُمۡ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِ وَوُفِّيَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (25)

{ فَكَيْفَ } ردٌّ لقولهم المذكور وإبطالٌ لما عراهم باستعظام ما سيدهَمُهم وتهويلِ ما سيحيق بهم من الأهوال أي فكيف يكون حالُهم ؟ { إِذَا جمعناهم لِيَوْمٍ } أي لجزاءِ يوم { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي في وقوعه ووقوعِ ما فيه ، روي أن أولَ رايةٍ ترفع يوم القيامة من رايات الكفر رايةُ اليهود فيفضَحُهم الله عز وجل على رؤوس الأشهاد ثم يأمر بهم إلى النار { وَوُفّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } أي جزاءَ ما كسبت من غير نقص أصلاً كما يزعُمون ، وإنما وُضِع المكسوبُ موضعَ جزائه للإيذان بكمال الاتصالِ والتلازم بينهما كأنهما شيء واحد ، وفيه دَلالة على أن العبادة لا تُحْبَط وأن المؤمن لا يخلّد في النار لأن توْفيةَ جزاءِ إيمانِه وعملِه لا تكون في النار ولا قبل دخولها فإذن هي بعد الخلاصِ منها { وَهُمْ } أي كلُّ الناس المدلولِ عليهم بكل نفس { لاَ يُظْلَمُونَ } بزيادة عذابٍ أو بنقص ثواب بل يصيب كلاً منهم مقدارُ ما كسبه .