في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ} (23)

17

وبدأ أحدهما فعرض خصومته : ( إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة . فقال : أكفلنيها )[ أي اجعلها لي وفي ملكي وكفالتي ] ( وعزني في الخطاب )[ أي شدد علي في القول وأغلظ ] .

والقضية - كما عرضها أحد الخصمين - تحمل ظلماً صارخاً مثيراً لا يحتمل التأويل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ} (23)

وقوله : { وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ } أي : غلبني يقال : عز يعز : إذا قهر وغلب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ} (23)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزّنِي فِي الْخِطَابِ } .

وهذا مثل ضربه الخصم المتسوّرون على داود محرابه له ، وذلك أن داود كانت له فيما قيل : تسع وتسعون امرأة ، وكانت للرجل الذي أغزاه حتى قُتل امرأة واحدة فلما قُتل نكح فيما ذُكر داود امرأته ، فقال له أحدهما : إنّ هَذَا أخي يقول : أخي على ديني ، كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلم ، عن وهب بن مبنه : ( إنّ هَذَا أَخي ) : أي على ديني لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ولي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ .

وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله : «إنّ هَذَا أخي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنْثَى » وذلك على سبيل توكيد العرب الكلمة ، كقولهم : هذا رجل ذكر ، ولا يكادون أن يفعلوا ذلك إلا في المؤنث والمذكر الذي تذكيره وتأنيثه في نفسه كالمرأة والرجل والناقة ، ولا يكادون أن يقولوا هذه دار أنثى ، وملحفة أنثى ، لأن تأنيثها في اسمها لا في معناها . وقيل : عنى بقوله : أنثى : أنها حسنة . ذكر من قال ذلك :

حُدثت عن المحاربي ، عن جُوَيبر ، عن الضحاك «إن هَذَا أخي لَهُ تَسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنْثَى » يعني بتأنيثها . حسنها .

وقوله : فقالَ أكْفِلْنِيها يقول : فقال لي : انزل عنها لي وضمها إليّ ، كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( أكْفلْنِيها ) : قال : أعطنيها ، طلّقها لي ، أنكحها ، وخلّ سبيلها .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلم ، عن وهب بن منبه ، فقال : ( أكْفِلْنِيها ) : أي أحملني عليها .

وقوله : ( وَعَزّنِي فِي الخِطابِ ) : يقول : وصار أعزّ مني في مخاطبته إياي ، لأنه إن تكلم فهو أبين مني ، وإن بطش كان أشدّ مني فقهرني . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله في قوله : ( وَعَزّنِي فِي الخِطابِ ) : قال : ما زاد داود على أن قال : انزل لي عنها .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثني أبي ، عن المسعودي ، عن المنهال ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس قال : ما زاد على أن قال : انزل لي عنها .

وحدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله : ما زاد داود على أن قال : أكْفِلْنِيها .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، وَعَزّنِي فِي الخِطابِ قال : إن دعوت ودعا كان أكثر ، وإن بطشت وبطش كان أشدّ مني ، فذلك قوله : ( وَعَزّنِي فِي الخِطابِ ) .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وَعَزّني فِي الخِطابِ ) : أي ظلمني وقهرني .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قلا : قال ابن زيد في قوله : ( وَعَزّنِي فِي الخِطابِ ) : قال : قهرني ، وذلك العزّ قال : والخطاب : الكلام .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه : ( وَعَزّنِي فِي الخِطابِ ) : أي قهرني في الخطاب ، وكان أقوى مني ، فحاز نعجتي إلى نعاجه ، وتركني لا شيء لي .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وَعَزّنِي فِي الخِطابِ ) : قال : إن تكلم كان أبين مني ، وإن بطش كان أشدّ مني ، وإن دعا كان أكثر مني .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ} (23)

{ إن هذا أخي } بالدين أو بالصحبة . { له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة } هي الأنثى من الضأن وقد يكنى بها عن المرأة ، والكناية والتمثيل فيما يساق للتعريض أبلغ في المقصود ، وقرئ " تسع وتسعون " بفتح التاء ونعجة بكسر النون ، وقرأ حفص بفتح ياء " لي نعجة " . { فقال أكفلنيها } ملكنيها وحقيقته اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي ، وقيل اجعلها كفلي أي نصيبي . { وعزني في الخطاب } وغلبني في مخاطبته إياي محاجة بأن جاء بحجاج لم أقدر على رده ، أو في مغالبته إياي في الخطبة يقال : خطبت المرأة وخطبها هو فخاطبني خطابا حيث زوجها دوني ، وقرئ " وعازني " أي غالبني " وعزني " على تخفيف غريب .