الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ} (23)

وقوله : { إِنَّ هَذَا أَخِي } إعرابُ { أخي } عَطْفُ بَيَانٍ ، وذلك أن مَا جرى من هذه الأشياء صِفةً كالخَلْقِ والخُلُقِ وسَائِر الأوْصَافِ ، فَإنَّه نَعْتٌ مَحْضٌ ، والعاملُ فيه هو العاملُ في الموصوفِ ، وما كان مِنْهَا مِمَّا لَيْسَ يُوصَفُ بَتَّةً فهو بَدَلٌ ، والعَامِلُ فيه مُكَرَّرٌ أي : تقديراً يقال : جَاءَنِي أخوك زيدٌ ، فالتقديرُ : جَاءَنِي أَخُوكَ ، جَاءَنِي زَيْدٌ ، ومَا كَان مِنْها مِمَّا لاَ يُوصَفُ بهِ ، واحتيج إلى أنْ يُبَيَّنَ بِه ، وَيَجْرِي مَجْرَى الصِّفَةِ ، فَهُوَ عَطْفُ بَيَانٍ ، { والنعجة } في هذه الآيةِ عَبَّرَ بِهَا عَنِ المَرْأَةِ ، والنعجةُ في كلام العرب : تقعُ على أنثى بَقَرِ الوَحْشِ ، وعلى أُنْثَى الضَّأْنِ ، وتُعَبّرُ العَرَبُ بِهَا عن المَرْأَةِ .

وقوله : { أَكْفِلْنِيهَا } أي : رُدَّهَا في كَفَالَتِي ، وقال ابنُ كَيْسَانَ : المعنى : اجعلها كِفْلِي ، أي : نَصِيبي ، { وَعَزَّنِي } معناه : غَلَبَنِي ، ومنه قول العربِ : «مَنْ عَزَّ بَزَّ » أي : مَنْ غَلَبَ ، سَلَبَ ، ومعنى قوله : { فِي الخطاب } أي : كان أوْجَهَ مِنِّي ، فإذَا خَاطَبْتُهُ ، كانَ كلامُه أقوى من كلامي ، وقُوَّتُهُ أعْظَمَ مِنْ قُوَّتِي .