الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ} (23)

ثم قال تعالى : { إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة } ، الآية .

هذا مثل ضربه الملكان لداود ، وذلك أن داود كان له تسع{[58155]} وتسعون امرأة ، وكانت للرجل الذي{[58156]} أعزاه{[58157]} داود حتى قُتل ، امرأة واحدة ، فلما قتل تزوجها فيما ذكر . قال وهب بن منبه : إن هذا أخي ، أي على ديني{[58158]} .

والعرب تُكَنِّي عن المرأة بالنعجة والشاة{[58159]} .

وقرأ الحسن بفتح التاء من ( تَسع وتَسعين ) وهي لغة قليلة{[58160]} .

وقرأ ابن مسعود : ( تِسْعٌ وتَسِعُونَ نَعْجَةٌ أنْثَى ){[58161]} على التأكيد ، كقولهم : رجل ذَكَر ؟ .

ولا يؤنث بهذا التأنيث إلا ما تأنيثه وتذكيره في نفسه كالرجل والمرأة ، فإن كان تأنيثه وتذكيره في اسمه ( لم يُقَلْ ){[58162]} فيه أنثى ولا ذكر ، نحو : دار ، وملحفة ، وشبه ذلك .

وقيل : عنى بذلك أنها حسنة . فأنثى تدل على أنها حسنة{[58163]} .

ثم قال تعالى ذكره : { فقال أكفلنيها } ، أي : أنزل عنها وضُمَّها إليَّ .

قال ابن زيد : أكفلنيها : أعطنيها ، أي : طلقها لي أنكحها{[58164]} .

{ وعزني في الخطاب } أي : صار أعز مني في مخاطبته إياي لأنه إن تكلم فهو أبين مني ، وإن بطش كان أشد مني فقهرني وغلبني .

قال قتادة : وعزني في الخطاب : ظلمني وقهرني{[58165]} .

وقرأ ابن مسعود : ( وعَازَّنِي ){[58166]} .

يقال : عازَّه : ( إذا غالبه{[58167]} ، وعزه ) : إذا غلبه ، ومنه قولهم : ( مَنْ عَزَّ بَزَّ ){[58168]} .


[58155]:في طرة ع.
[58156]:في طرة ع.
[58157]:لعل الأسلم أن تكتب (إغزاه) بالعين المعجمة. وهي كذلك في جامع البيان 23/91.
[58158]:انظر: جامع البيان 23/90.
[58159]:وقد زكى أبو عبيدة هذا الرأي بقول الأعشى: فرميت غفلة عينه عن شانه *** فأصبت حبة قلبها وطحالها قال أبو عبيدة: يعني امرأة الرجل. انظر: مجاز أبي عبيدة 2/181، ومعاني الزجاج 4/326.
[58160]:انظر: إعراب النحاس 3/460، والمحرر الوجيز 14/23، وجامع القرطبي 15/172.
[58161]:انظر: معاني الفراء 2/403، وجامع البيان 23/91، والمحرر الوجيز 14/23، وجامع القرطبي 15/174.
[58162]:ح: لم تقل.
[58163]:انظر: جامع البيان 23/91.
[58164]:المصدر السابق.
[58165]:انظر: فتح الباري 6/457، وجامع البيان 23/91.
[58166]:انظر: معاني الفراء 2/404، وإعراب النحاس 3/460، وجاء في جامع القرطبي 15/175: وقرأها كذلك عبيد بن عمير.
[58167]:في طرة ع.
[58168]:معناه: من غلب سلب. وقيل: إن قائلة هو جابر بن رألان السنبسي لما أقرع النعمان يوم بؤسه بينه وبين صاحبيه فقرعهما، فخلى سبيله. انظر: الوسيط في الأمثال 154، والمستقصى 2/357 رقم 1313.