مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ} (23)

{ إِنَّ هَذَا أَخِى } هو بدل من { هذا } أو خبر ل { إن } ، والمراد أخوة الدين أو إخوة الصداقة والألفة أو أخوة الشركة والخلطة لقوله { وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ الخلطاء } { لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِى نَعْجَةٌ واحدة } { وَلِيَ } حفص . والنعجة كناية عن المرأة . ولما كان هذا تصويراً للمسئلة وفرضاً لها لا يمتنع أن يفرض الملائكة في أنفسهم كما تقول لي : أربعون شاة ولك أربعون فخلطناها وما لكما من الأربعين أربعة ولا ربعها { فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا } ملكنيها وحقيقته اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : اجعلها كفلي أن نصيبي { وَعَزَّنِى } وغلبني يقال عزه يعزه { فِى الخطاب } في الخصومة أي أنه كان أقدر على الاحتجاج مني . وأراد بالخطاب مخاطبة المحاج المجادل ، أو أراد خطبت المرأة وخطبها هو فخاطبني خطاباً أي غالبني في الخطبة فغلبني حيث زوجها دوني . ووجه التمثيل أن مثلت قصة أوريا مع داود بقصة رجل له نعجة واحدة ولخليطه تسع وتسعون ، فأراد صاحبه تتمة المائة فطمع في نعجة خليطة وأراده على الخروج من ملكها إليه وحاجّة في ذلك محاجة حريص على بلوغ مراده ، وإنما كان ذلك على وجه التحاكم إليه ليحكم بما حكم به من قوله { قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلى نِعَاجِهِ }