الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ} (23)

قال أحد الخصمين { إِنَّ هَذَآ أَخِي } على التمثيل لا على التحقيق ، على معنى كونهما على طريقة واحدة وجنس واحد ، كقوله سبحانه : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [ الحجرات : 10 ] وقد قيل : إن المتسورين كانا أخوين من بني إسرائيل لأب وأم ، وإن أحدهما كان ملكاً والآخر لم يكن ملكاً ، فنبها داود على ما فعل .

{ لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ } وهذا من أحسن التعريض ، حتّى كنّى بالنعاج عن النساء .

والعرب تفعل ذلك كثيراً توري عن النساء بالظباء والشاة والبقر وهو كثير وأبين في أشعارهم .

قال الحسن بن الفضل : هذا تعريض التنبيه والتفهيم ، لأنه لم يكن هناك نعاج ولابغي ، وإنما هو كقول الناس ضرب زيد عمراً ، وظلم عمرو زيداً ، واشترى بكر داراً وما كان هناك ضرب ولاظلم ولاشراء .

{ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا } . قال ابن عبّاس : أعطنيها . ابن جبير عنه : تحوّل لي عنها . مجاهد : أنزل لي عنها .

أبو العالية : ضمها إليَّ حتّى أكفلها . ابن كيسان : اجعلها كفلي ، أي نصيبي .

{ وَعَزَّنِي } وغلبني { فِي الْخِطَابِ } ، قال الضحاك : إن تكلم كان أفصح مني ، وإن حارب كان أبطش مني .

وقرأ عبيد بن عمير : وعازني في الخطاب بالألف من المعاز وهي المغالبة .