فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ} (23)

ثم لما أخبراه عن الخصومة إجمالاً شرعاً في تفصيلهما وشرحها ، فقالا : { إِنَّ هَذَا أَخِى لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً } المراد بالأخوة هنا : أخوة الدين ، أو الصحبة ، والنعجة هي : الأنثى من الضأن ، وقد يقال لبقر الوحش : نعجة { وَلِى نَعْجَةٌ واحدة } قال الواحدي : النعجة البقرة الوحشية ، والعرب تكني عن المرأة بها ، وتشبه النساء بالنعاج من البقر . قرأ الجمهور : { تِسْعٌ وَتِسْعُونَ } بكسر التاء الفوقية . وقرأ الحسن ، وزيد بن علي بفتحها . قال النحاس : وهي لغة شاذة ، وإنما عنى ب{ هذا } داود ؛ لأنه كان له تسع وتسعون امرأة ، وعنى بقوله : { ولي نعجة واحدة } ( أوريا ) زوج المرأة التي أراد أن يتزوجها داود كما سيأتي بيان ذلك { فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا } أي : ضمها إليّ ، وانزل لي عنها حتى أكفلها ، وأصير بعلاً لها . قال ابن كيسان : اجعلها كفلي ، ونصيبي { وَعَزَّنِي فِي الخطاب } أي : غلبني ، يقال : عزه يعزه عزاً : إذا غلبه . وفي المثل " من عزَّ بزَّ " أي : من غلب سلب ، والاسم العزة : وهي : القوة . قال عطاء المعنى : إن تكلم كان أفصح مني . وقرأ ابن مسعود ، وعبيد بن عمير : ( وعازني في الخطاب ) أي : غالبني من المعازة ، وهي : المغالبة .

/خ25