والذين يرون كل هذا ، ثم لا يتوقعون لقاء الله ؛ ولا يدركون أن من مقتضيات هذا النظام المحكم أن تكون هناك آخرة ، وأن الدنيا ليست النهاية ، لأن البشرية لم تبلغ فيها كمالها المنشود ؛ والذين يمرون بهذه الآيات كلها غافلين ، لا تحرك فيهم قلبا يتدبر ، ولا عقلا يتفكر . . هؤلاء لن يسلكوا طريق الكمال البشري ، ولن يصلوا إلى الجنة التي وعد المتقون . إنما الجنة للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، حيث يفرغون من نصب الدنيا وصغارها إلى تسبيح الله وحمده في رضاء مقيم :
( إن الذين لا يرجون لقاءنا ، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ، والذين هم عن آياتنا غافلون ، أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون . إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ؛ تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم . دعواهم فيها سبحانك اللهم . وتحيتهم فيها سلام . وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) . .
إن الذين لا يتدبرون النظام الكوني الموحي بأن لهذا الكون خالقا مدبرا ، لا يدركون أن الآخرة ضرورة من ضرورات هذا النظام ، يتم فيها تحقيق القسط والعدل ؛ كما يتم فيها إبلاغ البشرية إلى آفاقها العليا . ومن ثم فهم لا يتوقعون لقاء الله ، ونتيجة لهذا القصور يقفون عند الحياة الدنيا ، بما فيها من نقص وهبوط ، ويرضونها ويستغرقون فيها ، فلا ينكرون فيها نقصا ، ولا يدركون أنها لا تصلح أن تكون نهاية للبشر ؛ وهم يغادرونها لم يستوفوا كل جزائهم على ما عملوا من خير أو اجترحوا من شر ، ولم يبلغوا الكمال الذي تهيئهم له بشريتهم . والوقوف عند حدود الدنيا وارتضاؤها يظل يهبط بأصحابه ثم يهبط ، لأنهم لا يرفعون رؤوسهم إلى قمة ، ولا يتطلعون بأبصارهم إلى أفق . إنما يخفضون رؤوسهم وأبصارهم دائما إلى هذه الأرض وما عليها ! غافلين عن آيات الله الكونية التي توقظ القلب ، وترفع الحس ، وتحفز إلى التطلع والكمال . .
يقول الله تعالى مخبرًا عن حال الأشقياء الذين كفروا بلقاء الله يوم القيامة ولا يرجون في لقاء الله شيئا ، ورضوا بهذه الحياة الدنيا{[14071]} واطمأنت إليها أنفسهم .
قال الحسن : والله ما زينوها ولا رفعوها ، حتى رضوا بها وهم غافلون عن آيات الله الكونية فلا يتفكرون فيها ، والشرعية فلا يأتمرون بها ، بأن مأواهم يوم معادهم النار ، جزاء على ما كانوا يكسبون في دنياهم من الآثام والخطايا والإجرام ، مع ما هم فيه من الكفر بالله ورسوله واليوم الآخر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.