في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

ثم يستنكر قولهم : إنه شاعر : ( أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ? ) . . وقد قالوها . وقال بعضهم لبعض : اصبروا عليه ، واثبتوا على ما أنتم فيه ، حتى يأتيه الموت ، فيريحنا منه ! وتواصوا أن يتربصوا به الموت المريح .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

{ نتربص به ريب المنون } ننتظر به حوادث الدهر وصروفه المهلكة ! والريب : مصدر رابه إذا أقلقه . والمنون : الدهر ؛ من المن بمعنى القطع ؛ لأنه يقطع الأعمار وغيرها أريد به حوادث الدهر مجازا ؛ لأنها تقلق النفوس كما يقلقها الشك ، وعبر عنها بالمصدر مبالغة . أو ننتظر به نزول المنية . والمنون : المنية ؛ لأنها نقص العدد وتقطع المدد . والريب : النزول ؛ من راب عليه الدهر : أي نزل . والمراد بنزولها الهلاك . وذكرت " أم " في هذه السورة خمس عشرة مرة ، وكلها إلزامات للمخاطبين ليس لهم عنها جواب . وقال الخليل : إن كل ما في سورة الطور من " أم " فهو استفهام لا عطف ، وإنما استفهم تعالى مع علمه توبيخا لهم ؛ على نمط قول الإنسان لغيره : أجاهل أنت ! مع علمه بجهله .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

نتربص : ننتظر .

المنون : المنية ، والدهر . ريب المنون : حوادثُ الدهر وصروفه .

ولا أنت شاعرٌ كما يقولون حتى يتربّصوا بك حوادثَ الدهر ونكباته .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

قوله تعالى : { أم يقولون } بل يقولون ، يعني : هؤلاء المقتسمين الخراصين ، { شاعر } أي : هو شاعر ، { نتربص به ريب المنون } حوادث الدهر وصروفه فيموت ويهلك كما هلك من قبله من الشعراء ، ويتفرق أصحابه وإن أباه مات شاباً ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه ، والمنون يكون بمعنى الدهر ، ويكون بمعنى الموت ، سميا بذلك لأنهما يقطعان الأجل .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

{ أم يقولون } بل أيقولون هو { شاعر نتربص به ريب المنون } ننتظر به الموت فيهلك

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

قوله تعالى : " أم يقولون شاعر " أي بل يقولون محمد شاعر . قال سيبويه : خوطب العباد بما جرى في كلامهم . قال أبو جعفر النحاس : وهذا كلام حسن إلا أنه غير مبين ولا مشروح ، يريد سيبويه أن " أم " في كلام العرب لخروج من حديث إلى حديث ، كما قال{[14310]} :

أتهجر غانيةً أم تُلِم

فتم الكلام ثم خرج إلى شيء آخر فقال :

أمِ الحبل واهٍ بها مُنْجَذِم

فما جاء في كتاب الله تعالى من هذا فمعناه التقرير والتوبيخ والخروج من حديث إلى حديث ، والنحويون يمثلونها ببل . " نتربص به ريب المنون " قال قتادة : قال قوم من الكفار تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفى شاعر بني فلان . قال الضحاك : هؤلاء بنو عبد الدار نسبوه إلى أنه شاعر ، أي يهلك عن قريب كما هلك من قبل من الشعراء ، وأن أباه مات شابا فربما يموت كما مات أبوه . وقال الأخفش : نتربص به إلى ريب المنون فحذف حرف الجر ، كما تقول : قصدت زيدا وقصدت إلى زيد . والمنون : الموت في قول ابن عباس . قال أبو الغول الطهوي :

هم منعوا حِمَى الوَقَبَي بِضَرْبٍ *** يُؤَلِّفُ بينَ أشْتَاتِ المَنُونِ{[14311]}

أي المنايا ، يقول : إن الضرب يجمع بين قوم متفرقي الأمكنة لو أتتهم مناياهم في أماكنهم لأتتهم متفرقة ، فاجتمعوا في موضع واحد فأتتهم المنايا مجتمعة . وقال السدي عن أبي مالك عن ابن عباس : " ريب " في القرآن شك إلا مكانا واحدا في الطور " ريب المنون " يعني حوادث الأمور ، وقال الشاعر{[14312]} :

تَرَبَّصْ بِهَا ريبَ المنونِ لعلَّها *** تُطَلَّقُ يوماً أو يموت حليلُها

وقال مجاهد : " ريب المنون " حوادث الدهر ، والمنون هو الدهر ، قال أبو ذؤيب :

أمن المنون وريبِه تتوجع *** والدهر ليس بِمُعْتِبٍ من يَجْزَعُ

وقال الأعشى :

أأن رأت رَجُلاً أعشى أَضَرَّ به *** ريبُ المنونِ ودهرٌ مُتْبِلٌ خَبِل{[14313]}

قال الأصمعي : المنون والليل والنهار ، وسميا بذلك لأنهما ينقصان الأعمار ويقطعان الآجال . وعنه : أنه قيل للدهر منون ؛ لأنه يذهب بمنة الحيوان أي قوته وكذلك المنية . أبو عبيدة : قيل للدهر منون ، لأنه مضعف ، من قولهم حبل منين أي ضعيف ، والمنين الغبار الضعيف . قال الفراء : والمنون مؤنثة وتكون واحدا وجمعا . الأصمعي : المنون واحد لا جماعة له . الأخفش : هو جماعة لا واحد له ، والمنون يذكر ويؤنث ، فمن ذكره جعله الدهر أو الموت ، ومن أنثه فعلى الحمل على المعنى كأنه أراد المنية .


[14310]:هو الأعشى.
[14311]:هو من بني نهشل واسمه علباء بن جوشن. والوقبي كجمزى ماء لبني مالك بن مازن مشهور بوقائع عديدة وهو على طريق المدينة من البصرة.
[14312]:الذي في نسخ الأصل: قال ابن عباس وليس بشيء، وفي سائر كتب التفسير قال الشاعر كما أثبتناه.
[14313]:يروى: ودهر مفند. وهي الرواية المشهورة. متبل مسقم أو يذهب بالأهل والولد. وخبل ككتف ملتو على أهله لا يرون فيه سررا.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

ولما كانت نسبته صلى الله عليه وسلم فيما أتاهم به من هذا القرآن الآمر بالحكمة إلى أنه أتى به عن الجن الذين طبعهم الفساد مما{[61578]} لا ينبغي أن يتخيله{[61579]} أحد فضلاً أن يقوله له صلى الله عليه وسلم ، ولا يكاد يصدق أن أحداً يرميه به ، فكان في طيه سؤال{[61580]} تقريع وتوبيخ ، نبه على ذلك بالعطف على ما تقديره : أيقولون هذا القول البعيد من أقوال أهل العقول : { أم يقولون } ما هو أعجب في مجرد قوله فضلاً عن تكريره ، فأم معادلة للاستفهام قبلها لا مقطوعة ، وكذا جميع ما بعدها وهو معنى ما نقله البغوي{[61581]} عن الخليل أنه قال : ما في سورة الطور من ذكر " أم " كله استفهام وليس بعطف .

( شاعر } يقول{[61582]} كلاماً موزوناً بالقصد ، يلزمه التكلف لذلك فيغلب إلزام الوزن قائله حتى يجعل اللفظ{[61583]} هو الأصل ويجعل المعنى تابعاً له ، فيأتي كثير من كلامه ناقص المعاني هلهل النسج مغلوباً فيه على أمره معترفاً إذا وقف عليه بتقصيره متعذراً{[61584]} مما زانه به زعم من أوزانه ، وساق سبحانه هذا وكذا ما بعده من الأقسام على طريق الاستفهام مع أن نسبتها إليهم محققة ، تنبيهاً على أن مثل هذا لا يقوله عاقل ، وإن قاله أحد لم يكد الناقل عنه يصدق : { نتربص } أي ننتظر { به ريب المنون * } أي حوادث الدهر من الموت وغيره القاطعة ، من المن وهو القطع .


[61578]:- من مد. وفي الأصل: بما.
[61579]:- من مد، وفي الأصل: محله.
[61580]:- من مد، وفي الأصل: سؤاله طني.
[61581]:- لم نعثر عليه في معالم التنزيل بهامش لباب التأويل في مظانه، والقول أورده أبو حيان في البحر 8/151 فقال: وحكى الثعلبي عن الخليل- فتأمل.
[61582]:- من مد، وفي الأصل: يقولون.
[61583]:- من مد، وفي الأصل: الوزن.
[61584]:- زيد من مد.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

قوله : { أم يقولون شاعر } يعني بل يقول هؤلاء المشركون إن محمدا شاعر { نتربص به ريب المنون } المنون ، الموت . أي ننتظر بمحمد حوادث الدهر وقوارع الزمان حتى يموت فنستريح منه .