{ يوم يكون الناس كالفراش } أي اذكر يوم يكون الناس كالفراش ، وهو الطير الرقيق الذي يقصد النار ، ولا يزال يتقحم على المصباح ونحوه حتى يحترق ، واحده فراشة . { المبثوت } أي المنتشر المتفرق . شبه الله الناس يوم القيامة – في كثرتهم وانتشارهم وذلتهم وضعفهم واضطرابهم وتطايرهم إلى الداعي حين يدعوهم إلى المحشر – بالفراش المنتشر المتطاير إلى النار .
قوله تعالى : " يوم " منصوب على الظرف ، تقديره : تكون القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث . قال قتادة : الفراش الطير الذي يتساقط في النار والسراج . الواحد فراشة ، وقاله أبو عبيدة . وقال الفراء : إنه الهمج الطائر ، من بعوض وغيره ، ومنه الجراد . ويقال : هو أطيش من فراشه . وقال :
طُوَيِّشٌ من نفرٍ أَطْيَاشِ *** أطيشُ من طائرة الفَرَاشِ
وقد كان أقوامٌ رددتَ قلوبَهُمْ *** إليهم{[16318]} وكانوا كالفَرَاشِ من الجَهْلِ
وفي صحيح مسلم عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا ، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها ، وهو يذبهن عنها ، وأنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تفلتون من يدي " ، وفي الباب عن أبي هريرة . والمبثوث : المتفرق . وقال في موضع آخر : { كأنهم جراد منتشر }{[16319]} [ القمر : 7 ] . فأول حالهم كالفراش لا وجه له ، يتحير في كل وجه ، ثم يكونون كالجراد ؛ لأن لها وجها تقصده . والمبثوث : المتفرق والمنتشر . وإنما ذكر على اللفظ : كقوله تعالى : { أعجاز نخل{[16320]} منقعر } [ القمر : 20 ] ، ولو قال : المبثوثة [ فهو ] كقوله تعالى : { أعجاز نخل خاوية }{[16321]} [ الحاقة : 7 ] . وقال ابن عباس والفراء : { كالفراش المبثوث } كغوغاء الجراد ، يركب بعضها بعضا . كذلك الناس يجول بعضهم في بعض إذا بعثوا .
{ يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } العامل في الظرف محذوف دل عليه القارعة ، تقديره : تقرع في يوم ، والفراش هو الطير الصغير الذي يشبه البعوض ويدور حول المصباح ، والمبثوث هو المنتشر المتفرق ، شبه الله الخلق يوم القيامة به في كثرتهم وانتشارهم وذلتهم ، ويحتمل أنه شبههم به لتساقطهم في جهنم كما يتساقط الفراش في المصباح .
قال بعض العلماء : الناس في أول قيامهم من القبور كالفراش المبثوث ؛ لأنهم يجيئون ويذهبون على غير نظام ، ثم يدعوهم الداعي فيتوجهون إلى ناحية المحشر ، فيكونون حينئذ كالجراد المنتشر ؛ لأن الجراد يقصد إلى جهة واحدة ، وقيل : الفراش هنا الجراد الصغير ، وهو ضعيف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.