ثم يمضي السياق خطوة وراء النفخ والحشر ، فيصور مصير الطغاة ومصير التقاة . بادئا بالأولين المكذبين المتسائلين عن النبأ العظيم :
( إن جهنم كانت مرصادا ، للطاغين مآبا ، لابثين فيها أحقابا . لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ، إلا حميما وغساقا . جزاء وفاقا . إنهم كانوا لا يرجون حسابا ، وكذبوا بآياتنا كذابا . وكل شيء أحصيناه كتابا . فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ) . .
إن جهنم خلقت ووجدت وكانت مرصادا للطاغين تنتظرهم وتترقبهم وينتهون إليها فإذا هي معدة لهم ، مهيأة لاستقبالهم . وكأنما كانوا في رحلة في الأرض ثم آبوا إلى مأواهم الأصيل !
وهم يردون هذا المآب للإقامة الطويلة المتجددة أحقابا بعد أحقاب :
ولما{[71165]} ذكر مصيرهم إليها ذكر{[71166]} إقامتهم فيها فقال حالاً من ضمير " الطاغين " : { لابثين فيها } ولما كان جمع القلة يستعار للكثرة{[71167]} فكان الحقب يطلق على الزمان من غير حد ، ويطلق على زمان محدود ، فقيل على ثمانين سنة ، وعلى سبعين ألف سنة ، فكان السياق من تصدير السورة بالنبأ وبوصفه مع التعبير بالنبأ العظيم{[71168]} وما بعد ذلك يفهم أن المراد الدوام إن أريد ما لا حد له وأن المراد إن أريد المحدود جمع الكثرة ، وأكثر ما فسر به{[71169]} الحقب ، وأنه للمبالغة{[71170]} لا التحديد ، كان جمع القلة هنا غير مشكل ، فمن حمله على ما دون ذلك فكفاه زاجراً لم يضره التعبير به-{[71171]} ، ومن اجترأ عليه واستهان به كان فتنة له كما كان حصر عدد الخزنة للنار بتسعة عشر{[71172]} فلم يضر إلا نفسه ، فلذلك عبر عن ظرف اللبث بقوله{[71173]} : { أحقاباً * } أي دهوراً عظيمة متتابعة لا انقضاء لها على أن التعبير به - ولو حمل على الأقل وجعل منقضياً - لا ينافي ما صرح فيه بالخلود لأنه أثبت شيئاً ولم ينف ما فوقه ، وعن الحسن{[71174]} أنه قال-{[71175]} : لا يكاد يذكر الحقب إلا حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها من غير انقضاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.