فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا} (23)

وانتصاب { لابثين فيها أحقابا } على الحال المقدرة من الضمير المستكن في الطاغين قرأ الجمهور لابثين بالألف ، وقرئ بدون ألف ، وانتصاب ( أحقابا ) على الظرفية أي ماكثين في النار ما دامت الأحقاب ، وهي لا تنقطع ، وكلما مضى حقب جاء حقب ، وهي جمع حقب بضمتين وهو الدهر ، والأحقاب الدهور ، والحقب بضم الحاء وسكون القاف قيل هو ثمانون سنة .

وحكى الواحدي عن المفسرين أنه بضع وثمانون سنة ، السنة ثلاثمائة وستون يوما اليوم ألف سنة من أيام الدنيا ، وقال السدي الحقب سبعون سنة ، وقال بشير بن كعب ثلاثمائة سنة ، وقال ابن عمر أربعون سنة ، وقيل ثلاثون ألف سنة .

قال الحسن الأحقاب لا يدري أحدكم هي ، ولكن ذكروا أنها مائة حقب ، والحقب الواحد منها سبعون ألف سنة ، اليوم منها كألف سنة ، قال ابن عباس أحقابا سنين .

وعن سالم بن أبي الجعد قال سأل علي بن أبي طالب : هلال الهجري ما تجدون الحقب في كتاب الله ؟ قال نجده ثمانين سنة كل سنة منها إثنا عشر شهر كل شهر ثلاثون يوما كل يوم ألف سنة ، وعن ابن مسعود في الآية قال الحقب الواحد ثمانون سنة .

وعن أبي هريرة رفعه " قال الحقب ثمانون سنة والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، كل يوم منها ألف سنة مما تعدون " .

وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " قال الحقب ألف شهر والشهر ثلاثون يوما والسنة إثنا عشر شهرا ثلاثمائة وستون يوما ، كل يوم ألف سنة مما تعدون فالحقب ثلاثون ألف ألف سنة " أخرجه ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه قال السيوطي بسند ضعيف .

وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والله لا يخرج من النار من دخلها حتى يمكث فيها أحقابا والحقب بضع وثمانون سنة ، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما ، واليوم ألف سنة مما تعدون " ، قال ابن عمر : فلا يتكلن أحد أنه يخرج من النار " أخرجه البزار وابن مردويه والبيهقي .

وعن ابن عمرو قال : الحقب الواحد ثمانون سنة وعن ابن عباس مثله ، وعن عبادة ابن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحقب أربعون سنة " أخرجه ابن مردويه .

وقيل الأحقاب وقت شربهم الحميم والغساق ، فإذا انقضت فيكون لهم نوع آخر من العذاب ، وعن خالد بن معدان في الآية وفي قوله { إلا ما شاء ربك } أنهما في أهل التوحيد من أهل القبلة .

وقيل إن الآية منسوخة بقوله : { فلن يزيدكم إلا عذابا } يعني أن العدد قد ارتفع ، والخلود قد حصل ، والأول أولى ، وقيل الآية محمولة على العصاة الذين يخرجون من النار ، والأولى ما ذكرناه أولا من أن المقصود بالآية التأييد لا التقييد ، وحكى الواحدي عن الحسن أنه قال : والله ما هي إلا أنه إذا مضى حقب دخل آخر ثم أخر كذلك إلى الأبد .