الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا} (23)

قرىء «لابثين » «ولبثين » واللبث أقوى ، لأنّ اللابث من وجد منه اللبث ، ولا يقال «لبث » إلا لمن شأنه اللبث ، كالذي يجثم بالمكان لا يكاد ينفك منه { أَحْقَاباً } حقباً بعد حقب ، كلما مضى حقب تبعه آخر إلى غير نهاية ، ولا يكاد يستعمل الحقب والحقبة إلا حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها ، والاشتقاق يشهد لذلك . ألا ترى إلى حقيبة الراكب ، والحقب الذي وراء التصدير وقيل : الحقب ثمانون سنة ، ويجوز أن يراد : لابثين فيها أحقاباً غير ذائقين فيها برداً ولا شراباً إلا حميماً وغساقاً ، ثم يبدلون بعد الأحقاب غير الحميم والغساق من جنس آخر من العذاب . وفيه وجه آخر : وهو أن يكون من : «حقب عامنا » إذا قل مطره وخيره ، وحقب فلان : إذا أخطأه الرزق ، فهو حقب ، وجمعه أحقاب ، فينتصب حالا عنهم ، يعني لابثين فيها حِقبين جحدين .