الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا} (23)

- ثم قال تعالى : ( لابثين فيها أحقابا )

قال قتادة : لابثين في جهنم أحقابا ( لا انقطاع لها ) {[73142]} .

وقيل معناه : ( لابثين فيها أحقابا ) {[73143]} لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا )

ثم بعد ذلك يعذبون {[73144]} بغير هذا العذاب مما شاء الله ، كما قال {[73145]} : ( وآخرُ من شَكْلِه أزواج ) {[73146]} .

وقيل : الضمير في ( فيها ) {[73147]} يعود على الأرض ، لأنه قد تقدم ذكرها ، والضمير في ( يذوقون فيها ) لجهنم لتقدم ذكرها {[73148]} .

فعلى [ القول ] {[73149]} الأول {[73150]} ، يكون {[73151]} ( لا يذوقون ) حالا من ( للطاغين ) أو لـ ( جهنم ) / أو نعتا للأحقاب .

وعلى هذا القول الآخر ، يكون ( لا يذوقون ) حالا من ( جهنم ) أو من الطاغين .

وروى أبو أمامة {[73152]} أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الحُقْبُ الواحد ثلاثون ألف {[73153]} سنة " .

وهو {[73154]} جمع الجمع ، واحده : حِقْبَة ، جُمعت على حِقَبٍ ، وجمعت حِقَبٌ على أحقاب {[73155]} .

ويجوز أن يكون أحقاب جمع حُقْب {[73156]} والحُقْبُ ثلاثمائة سنة ، كل سنة ثلاثمائة {[73157]} وستون سنة ، كل يوم ألف سنة من سنين الدنيا . قاله [ بُشَيْر ] {[73158]} بن كعب {[73159]} .

وقال علي بن أب طالب : الحقب : ثمانون سنة ، كل سنة اثنا عشر شهرا ، كل شهر ثلاثون يوماـ كل يوم ألف سنة من سنين الدنيا {[73160]} ، وهو قول ابن جبير ، وقاله الربيع بن أنس .

[ وقال ] {[73161]} أبو هريرة : الحقب ستون سنة ، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما ، كل يوم ألف سنة من سنين {[73162]} الدنيا {[73163]} .

وقال قتادة : " الحقب ثمانون سنة من سِنِيِّ {[73164]} الآخرة " {[73165]} وقال {[73166]} : هي أحقاب لا انقطاع لها ، كلما ممضى حقب جاء حقب بعده {[73167]} .

وقال الحسن : أما الأحقاب ، فليس لها عدة إلا الخلود في النار ، ولكن ذكر أن الحقب سبعون سنة ، كل يوم منها كألف سنة مما نعده {[73168]} .

وقال خالد بن مَعَدَّان {[73169]} : هي في أهل التوحيد من أهل القبلة مثل قوله ( إلا ما شاء ربك ) {[73170]} ، وهذا التأويل يرده قوله بعد ذلك .

( إنهم كانوا لا يرجون حسابا ، وكذبوا بآياتنا كذابا ) {[73171]}

وليس هذه صفة الموحدين {[73172]} .

وقد روي عن مقاتل {[73173]} أنفه قال : إنا منسوخة ، نسختها {[73174]} قوله ( فلا نزيدكم {[73175]} ( إلا ) {[73176]} عذابا ) {[73177]} .

وهذا لا يكون فيه نسخ ، لأنه خبر ، والأخبار لا تنسخ {[73178]} .

والحقب عند أهل اللغة مبهم {[73179]} كالحين والزمان {[73180]} .


[73142]:- انظر المصدر السابق 30/11 والدر 8/394.
[73143]:- ما بين قوسين (لا انقطاع – أحقابا) ساقط من أ.
[73144]:- كأنها في: يقرون.
[73145]:- ث: ثم قال.
[73146]:- ص: 58. وهذا القول ذكره الطبري في جامع البيان 30/12 على أنه محتمل ثم قال: "وهذا القول عندي أشبه بمعنى الآية" وحكاه النحاس في إعرابه 5/131 عن المبرد وقد أجازه الزمخشري في الكشاف 4/209 ونقل في البحر 8/413-14 عن ابن عطية أنه قول المتقدمين. وإنما هو في المحرر 16/211 هكذا "وقال آخرون".
[73147]:- يعني في قوله {لابثين فيها}.
[73148]:- هو قول علي بن سليمان في إعراب النحاس 5/131 وحكاه القرطبي في تفسيره 19/179. غير منسوب.
[73149]:- م، ث: الاقوال.
[73150]:- ث: الاولى.
[73151]:- أ: الاول لا يكون.
[73152]:- هو أبو أمامة صدي بن عجلان: صحابي جليل له أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه رجاء بن حيوة وخالد بن معدان (ت: 81ﻫ) بحمص وهو آخر من توفي بالشام من الصحابة رضي الله عنهم. انظر : صفة الصفوة: 1/733 وتهذيب الأسماء 2/176.
[73153]:- أ: ثلاثون الف. ث: ثلاثون الف الاف. وهذا جزء من حديث أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي أمامة. وفي سنده رجلان قال فيهما ابن كثير: "والقاسم هو والراوي عنه وهو جعفر ابن الزبير كلاهما متروك" تفسير ابن كثير 4/495 وانظر المطالب العالية 3/395.
[73154]:- أ: الاحقاب.
[73155]:- انظر جامع البيان 30/10-11 وإعراب النحاس 5/130.
[73156]:- انظر إعراب النحاس 5/130.
[73157]:- أ: منها ثلاثمائة.
[73158]:- م: ث: بشر.
[73159]:- انظر جامع البيان 30/11 وتفسير ابن كثير 4/494 والدر 8/395 وبُشَيْرٌ –بالتصغير- هو ابن كعب بن أبي الحميري العدوي، بصري تابعي ثقة. وذكره ابن حجر في الاصابة 1/263 (تحقيق طه محمد الزيني، ط1، مكتبة الكليات الأزهرية) على الاحتمال في الصحابة. وانظر: تاريخ الثقات للعجلي: 83 وتاريخ أبي زرعة 1/547.
[73160]:- الذي في جامع البيان 30/11 أنه قول هلال الهجري أجاب به عليا حين سأله عن معنى الحقب في كتاب الله المنزل. ثم ذكر الطبري هذا المعنى أيضا عن قتادة وابن جبير والربيع بن أنس. وفي تفسير ابن كثير 4/494 هو أيضا قول أبي هريرة وعبد الله ابن عمرو وابن عباس وعمرو بن ميمون والحسن والضحاك.
[73161]:- م: قال.
[73162]:- أ: سن.
[73163]:- الذي في جامع البيان 30/11 عن أبي هريرة: "الحقب: ثمانون سنة، والسنة ستون وثلاثمائة يوم، واليوم ألف سنة". ولم أجده بلفظ السِّتِّين في ما اطلعت عليه من مصادر التفسير.
[73164]:- أ: سن، ث: سنين.
[73165]:- جامع البيان 30/11 وتفسير ابن كثير 4/495.
[73166]:- في آخر ص 211 من ث: وقال في بداية 212: وقيل.
[73167]:- جامع البيان 30/11 وتفسير ابن كثير 4/495.
[73168]:- جامع البيان 30/11 وتفسير ابن كثير 4/495.
[73169]:- هو خالد بن مَعَدَّان بن أبي كريب الكلاعي أبو عبد الله الحمصي، من فقهاء الشام، أدرك سبعين من الصحابة، وروى عن معاذ وأبي ذر (ت: 104ﻫ) انظر: تاريخ الثقات للعجلي: 142 وصفة الصفوة 4/215.
[73170]:- هود: 108. وانظر هذا القول في جامع البيان 30/12.
[73171]:- بعد هذه العبارة قوله تعالى: {وكلّ شيء أحصيناه كتابا [29]}.
[73172]:- انظر المحرر 16/211 حيث رد هذا القول أيضا.
[73173]:- هو مقاتل بن سليمان، أبو الحسن الأزدي بالولاء، البلخي، من أعلام التفسير، وكان متروك الحديث. روى عن الضحاك ومجاهد وعنه عبد الرزاق وعلي بن الجعد (ت: 150ﻫ). انظر: تهذيب الأسماء 2/111 والأعلام: 7/281.
[73174]:- كذا في جميع النسخ ولعل الصواب: نسخها.
[73175]:- أ: فذوقوا فلن نزيدكم.
[73176]:- ساقط من أ.
[73177]:- انظر جامع البيان 30/12 وتفسير القرطبي 19/179 حيث حكاه عن ابن زيد أيضا.
[73178]:- انظر جامع البيان 30/12. وانظر رده أيضا في المحرر 16/211 والبحر 8/414.
[73179]:- ث: منهم.
[73180]:- انظر المفردات للراغب: 125 (حقب) قال: "والصحيح أن الحِقْبَةَ مدة من الزمان مبهمة" وانظر اللسان: (حقب).