التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا} (23)

واللابث : المقيم بالمكان . وانتصب { لابثين } على الحال من الطاغين .

وقرأه الجمهور { لابثين } على صيغة جمع لابث . وقرأه حمزة ورَوح عن يعقوب { لَبثين على صيغة جَمْع ( لَبثٍ ) من أمثلة المبالغة مثل حَذِر على خلاف فيه ، أو من الصفة المشبهة فتقتضي أن اللّبث شأنه كالذي يجثم في مكان لا ينفك عنه .

وأحقاب : جمع حُقُب بضمتين ، وهو زمن طويل نحو الثمانين سنة ، وتقدم في قوله : { أو أمضي حقباً } في سورة الكهف ( 60 ) .

وجمعه هنا مراد به الطول العظيم لأن أكثر استعمال الحُقُب والأحقاب أن يكون في حيث يراد توالي الأزمان ويبين هذا الآيات الأخرى الدالة على خلود المشركين ، فجاءت هذه الآية على المعروف الشائع في الكلام كناية به عن الدوام دون انتهاء .

وليس فيه دلالة على أن لهذا اللبث نهاية حتى يُحتاج إلى دعوى نسخ ذلك بآيات الخلود وهو وهم لأن الأخبار لا تنسخ ، أو يحتاج إلى جعل الآية لعصاة المؤمنين ، فإن ذلك ليس من شأن القرآن المكي الأول إذ قد كان المؤمنون أيامئذ صالحين مخلصين مجدِّين في أعمالهم .