غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا} (23)

1

ثم ذكر كيفية استقرارهم هناك فقال { لابثين } ومن قرأ بغير ألف فهو أدل على الثبات . قال جار الله : اللابث من وجد منه اللبث فقط ، واللبث من لا يكاد يبرح المكان أما الأحقاب فزعم الفراء أن أصله الترادف والتتابع أي دهوراً مترادفة لا تكاد تتناهى كلما مضى حقب تبعه آخر . وقال الحسن : الأحقاب لا يدري أحد ما هي ولكن الحقب الواحد سبعون ألف سنة اليوم منها كألف سنة مما تعدّون . وسأل هلال الهجري علياً فقال : الحقب مائة سنة السنة اثنا عشر شهراً والشهر ثلاثون يوماً واليوم ألف سنة . وقال عطاء والكلبي ومقاتل عن ابن عباس : الحقب الواحد بضع وثمانون سنة والسنة ثلاثمائة وستون يوماً واليوم ألف سنة من أيام الدنيا .

ونحو هذا يروى عن ابن عباس وقطرب مرفوعاً . فإن قيل : عذاب أهل النار ولاسيما الطاغين غير متناه والأحقاب بالتفاسير المذكورة وإن كثر مبلغها متناهية ، فلما وجه الجمع بينهما ؟ قلنا : الحق متناه ولكن الأحقاب لا نسلم أنها متناهية فإن الجمع لا يلزم تناهي آحاده فيجوز أن يكون المعنى كلما مضى حقب تبعه آخر . قال الفراء : سلمنا أن الأحقاب تفيد التناهي لكن بالمفهوم والنصوص الدالة على التأبيد كقوله

{ يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها } [ المائدة :37 ] تدل بالمنطوق ولا شك أن المنطوق راجح .

وقال الزجاج : المعنى أنهم يلبثون فيه أحقاباً غير ذائقين برداً ولا شراباً إلا حميماً وغساقاً ، ثم ينقلون إلى جنس آخر غير الحميم والغساق .

وذكر في الكشاف وجهاً آخر وهو أن يكون أحقاباً من حق بعامنا هذا إذا قل خيره . وحقب فلان إذا أخطأ الرزق فهو حقب كحذر وجمعه أحقاب فينتصب حالاً منهم أي لابثين في أسوأ حال .

/خ40