في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

ثم يعرف بهؤلاء الأبرار عباد الله الذين قسم لهم هذا المتاع :

( يوفون بالنذر ، ويخافون يوما كان شره مستطيرا ، ويطعمون الطعام - على حبه - مسكينا ويتيما وأسيرا . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا . إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ) . .

وهي صورة وضيئة شفافة لقلوب مخلصة جادة عازمة على الوفاء لله بتكاليف العقيدة ، مع رحمة ندية بعباده الضعاف ، وإيثار على النفس ، وتحرج وخشية لله ، ورغبة في رضاه ، وإشفاق من عذابه تبعثه التقوى والجد في تصور الواجب الثقيل .

( يوفون بالنذر )فيفعلون ما اعتزموا من الطاعات ، وما التزموا من الواجبات . فهم يأخذون الأمر جدا خالصا لا يحاولون التفلت من تبعاته ، ولا التفصي من أعبائه ، ولا التخلي عنه بعد اعتزامه . وهذا معنى أنهم يوفون بالنذر . فهو أعم من المعنى العرفي المتبادر من كلمة( النذر ) .

( ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) . . فهم يدركون صفة هذا اليوم ، الذي يتفشى شره ويصيب الكثيرين من المقصرين والمسيئين . فيخافون أن ينالهم شيء من شره . وهذه سمة الأتقياء ، الشاعرين بثقل الواجب وضخامة التكاليف ، الخائفين من التقصير والقصور ، مهما قدموا من القرب والطاعات .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

مستطيرا : منتشرا ، فاشيا .

في هذه الآية الكريمة والآيات التي تليها عرضٌ وتفصيل لصور النعيم الذي أفاضه الله تعالى على عباده الأبرار في جنة الخلد ، وهذا العرض من أطولِ

ما وردَ في القرآن الكريم لصُورِ النعيم ومشاهده . وقد بدأ ببيان أعمالهم وما قدّموا من خير للناس فقال :

{ يُوفُونَ بالنذر وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } .

هؤلاء الأبرارُ يوفون بما أوجبوه على أنفسهم من نَذْرٍ في طاعة الله ، ويخافون من هولِ يوم القيامة ، ذلك اليوم المخيفِ الذي يعمّ شرُّه ويستطير بين الناس

إلا من رحمَ الله .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

{ شره مستطيرا } : أي ممتدا طويلا فاشيا منتشرا .

المعنى :

وقوله { يوفون بالنذر } قطع الحديث عن نعيمهم ليذكر بعض فضائلهم ترغيبا في فعلهم ونعيمهم ، ثم يعود غلى عرض النعيم فقال { يوفون بالنذر } أي كانوا في دار الدنيا يوفون بالنذر وهو ما يلتزمونه من طاعات لربهم كالصلاة والصيام والحج والصدقات تقرباً إلى ربهم وتزلفا إليه ليحرزوا رضاه عنهم وتلك غاية مناهم . وقوله ويخافون يوما كان شره مستطيرا أي وكانوا في حياتهم يخافون يوم الحساب يوم العقاب يوما كان شره فاشيا منتشرا ومع ذلك { يطعمون الطعام على حبه } .

الهداية :

من الهداية :

- وجوب الوفاء بالنذر فمن نذر شيئا لله وجب أن يفي بنذره إلا أن ينذر معصية فلا يجوز له الوفاء بنذره فيها فمن قال لله على أن أصوم يوم أو شهر كذا وجب عليه أن يصوم ومن قال لله علي أن لا أصل رحمي ، أو أن لا أصلي ركعة مثلا فلا يجوز له الوفاء بنذره وليصل رحمه وليصل صلاته ولا كفارة عليه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

وقد  ذكر{[1307]} جملة من أعمالهم في أول هذه السورة ، فقال : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } أي : بما ألزموا به أنفسهم لله من النذور والمعاهدات ، وإذا كانوا يوفون بالنذر ، وهو لم يجب{[1308]}  عليهم ، إلا بإيجابهم على أنفسهم ، كان فعلهم وقيامهم بالفروض الأصلية ، من باب أولى وأحرى ، { وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } أي : منتشرا فاشيا ، فخافوا أن ينالهم شره ، فتركوا كل سبب موجب لذلك .


[1307]:- في ب: ثم ذكر.
[1308]:- في ب: الذي هو غير واجب.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

{ يوفون بالنذر } هذا من صفاتهم في الدنيا أي كانوا في الدنيا كذلك . قال قتادة : أراد يوفون بما فرض الله عليهم من الصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة ، وغيرها من الواجبات ، ومعنى النذر : الإيجاب . وقال مجاهد وعكرمة : إذا نذروا في طاعة الله وثوابه .

أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنبأنا زاهر بن أحمد ، أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنبأنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن طلحة بن عبد الملك الأيلي ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " . { ويخافون يوماً كان شره مستطيراً } فاشياً ممتداً ، يقال استطار الصبح ، إذا امتد . قال مقاتل : كان شره فاشياً في السماوات فانشقت ، وتناثرت الكواكب ، وكورت الشمس والقمر ، وفزعت الملائكة ، وفي الأرض : فنسفت الجبال ، وغارت المياه ، وتكسر كل شيء على الأرض من جبل وبناء .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا} (7)

ولما ذكر جزاءهم على برهم المبين لشكرهم ، أتبعه تفصيله فقال{[70590]} مستأنفاً بياناً لأن شكرهم بالتعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله وعمارة الظاهر والباطن لأنهم جمعوا بين كرم الطبع ولطافة المزاج الحامل على تجويز الممكن المقتضي للإيمان بالغيب : { يوفون } أي على سبيل الاستمرار { بالنذر } وهذا{[70591]} كناية عن وفائهم بجميع أنحاء العبادة لأن من وفى بما أوجبه على نفسه كان بما أوجبه الله من غير واسطة أوفى ، ويجوز أن يكون النذر كل ما تقدم إليهم فيه سبحانه .

ولما{[70592]} دل وفاؤهم على سلامة طباعهم ، قال عاطفاً دلالة على جمعهم للأمرين المتعاطفين فهم يفعلون الوفاء لا لأجل الخوف بل لكرم الطبع : { ويخافون } أي مع فعلهم للواجبات { يوماً كان } أي كوناً هو في جبلته { شره } أي ما فيه من الشدائد { مستطيراً * } أي موجود الطيران وجوداً كأنه بغاية الرغبة فيه فهو في غاية الانتشار ، والخوف أدل دليل على عمارة الباطن ، قالوا : وما فارق الخوف قلباً إلا خرب ، من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، فالخوف لاجتناب الشر والوفاء لاجتلاب{[70593]} الخير .


[70590]:زيد في الأصل: أيضا، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70591]:من ظ و م، وفي الأصل: هو.
[70592]:زيد في الأصل: كان قد، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70593]:من ظ و م، وفي الأصل: لجتناب.