في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجۡعَلَ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ عَادَيۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةٗۚ وَٱللَّهُ قَدِيرٞۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (7)

7

وفي الآية الأولى من هذا المقطع إشارة إلى هذا الرجاء الذي لا يغلب عليه اليأس ؛ في معرض التخفيف على نفوس بعض المهاجرين ، وتغذية قلوبهم المتعبة بمشقة المقاطعة والحرب للأهل والعشيرة :

( عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ) . .

وهذا الرجاء من الله ، معناه القطع بتحققه . والمؤمنون الذين سمعوه لا بد قد أيقنوا به ، ولقد وقع بعد هذا بوقت قصير أن فتحت مكة ، وأن أسلمت قريش ، وأن وقف الجميع تحت لواء واحد ، وأن طويت الثارات والمواجد ، وأن عاد الجميع إخوة مؤتلفي القلوب .

( والله قدير ) . . يفعل ما يريد بلا معقب .

( والله غفور رحيم ) . . يغفر ما سلف من الشرك والذنوب . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{۞عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجۡعَلَ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ عَادَيۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةٗۚ وَٱللَّهُ قَدِيرٞۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (7)

{ عَسَى الله أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الذين عَادَيْتُم . . } من الكافرين مودّةً بتوفيقهم للإيمان ، { والله قَدِيرٌ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، وقد صدقت نبوءةُ القرآن ففُتحت مكة ، وأسلم كثيرٌ من المشركين الذين نهاهم الله عن مودّتهم ، ودخل الناسُ في دين الله أفواجا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجۡعَلَ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ عَادَيۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةٗۚ وَٱللَّهُ قَدِيرٞۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (7)

ثم أخبر تعالى أن هذه العداوة التي أمر بها المؤمنين للمشركين ، ووصفهم بالقيام بها أنهم ما داموا على شركهم وكفرهم ، وأنهم إن انتقلوا إلى الإيمان ، فإن الحكم يدور مع علته ، فإن المودة{[1055]}  الإيمانية ترجع ، فلا تيأسوا أيها المؤمنون ، من رجوعهم إلى الإيمان ، ف { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً } سببها رجوعهم إلى الإيمان ، { وَاللَّهُ قَدِيرٌ } على كل شيء ، ومن ذلك هداية القلوب وتقليبها من حال إلى حال ، { وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } لا يتعاظمه ذنب أن يغفره ، ولا يكبر عليه عيب أن يستره ، { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } وفي هذه الآية إشارة وبشارة إلى إسلام بعض المشركين ، الذين كانوا إذ ذاك أعداء للمؤمنين ، وقد وقع ذلك ، ولله الحمد والمنة .

ولما نزلت هذه الآيات الكريمات ، المهيجة على عداوة الكافرين ، وقعت من المؤمنين كل موقع ، وقاموا بها أتم القيام ، وتأثموا من صلة بعض أقاربهم المشركين ، وظنوا أن ذلك داخل فيما نهى الله عنه .


[1055]:- في ب: والمودة.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجۡعَلَ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ عَادَيۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةٗۚ وَٱللَّهُ قَدِيرٞۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (7)

قال مقاتل : فلما أمر الله المؤمنين بعداوة الكفار عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين ، وأظهروا لهم العداوة والبراءة ، ويعلم الله شدة وجد المؤمنين بذلك فأنزل الله :{ عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم } أي من كفار مكة ، { مودةً } ففعل الله ذلك بأن أسلم كثير منهم ، فصاروا لهم أوفياء وإخواناً ، وخالطوهم وناكحوهم ، { والله قدير والله غفور رحيم } .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجۡعَلَ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ عَادَيۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةٗۚ وَٱللَّهُ قَدِيرٞۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (7)

ولما أتم وعظهم بما هو الأنفع والأقرب إلى صلاحهم ففعلوا ، وكان ذلك شاقاً لما جبل عليه البشر من حب ذوي الأرحام{[64554]} والعطف عليهم ، فتشوفت النفوس إلى تخفيف بنوع من الأنواع ، أتبعه الترجئة فيما قصده حاطب رضي الله عنه بغير الطريق الذي يتوصل به{[64555]} فقال على عادة الملوك في الرمز إلى ما {[64556]}يريدونه فيقنع{[64557]} الموعود به بل يكون ذلك الرمز عنده{[64558]} أعظم من البت من غيرهم لما لهم{[64559]} من العظمة التي تقتضي{[64560]} النزاهة عما يلم بشائبة نقص ، وذلك أعظم في الإيمان بالغيب لأن الوعود لا تزال بين خوف ورجاء جواباً لمن كأنه{[64561]} كان يقول : كيف يكون الخلاص من مثل هذه الواقعة وقد بنيت يا رب هذه الدار على حكمة الأسباب : { عسى الله } أي أنتم جديرون بأن تطمعوا في الملك المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ، { أن يجعل } بأسباب لا تعلمونها { بينكم وبين } أي في جميع الحد الفاصل بين المجموعين أو بين كل شخصين من الجمعين ، { الذين عاديتم } أي بالمخالفة في الدين ، { منهم } أي من هؤلاء الذين عادوكم بما تقدم بأعيانهم{[64562]} من أهل مكة { مودة } وقد جعل ذلك عام الفتح تحقيقاً لما رجاه سبحانه ، وأجرى سنته{[64563]} الإلهية بأن من عاديته فيه جعل عاقبة ذلك إلى ولاية عظيمة ، ومن تهاونت{[64564]} في مقاطعته فيه{[64565]} سبحانه أقامه لك ضداً .

ولما كان التقدير : فالله بكم رفيق ، عطف عليه تذكيراً لهم بما له سبحانه من العظمة قوله{[64566]} { والله } أي الذي له{[64567]} الإحاطة بالكمال{[64568]} : { قدير } أي بالغ القدرة على كل ما يريده فهو يقدر على تقليب القلوب وتيسير العسير ، فلما تم الرجاء لم يبق إلا كدر الذنب فأتبعه تطييباً للقلوب مما نزلت هذه الآيات بسببه قوله : { والله } أي الذي له جميع صفات الكمال { غفور } أي محاء لأعيان الذنوب وآثارها{[64569]} { رحيم * } يكرم الخاطئين{[64570]} إذا أراد بالتوبة ثم{[64571]} بالجزاء غاية الإكرام ، قال الرازي في اللوامع : كان النبي صلى الله عليه وسلم {[64572]}استعمل أبا سفيان رضي الله عنه على بعض اليمن ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم{[64573]} أقبل فلقي ذا الحجار مرتداً فقاتله ، فكان أول من قاتل على الردة ، فتلك المودة بعد المعاداة .


[64554]:- من م، وفي الأصل وظ: الأرواح.
[64555]:- من ظ وم، وفي الأصل: إليه.
[64556]:- من ظ وم، وفي الأصل: يرونه فيقع.
[64557]:من ظ وم، وفي الأصل: يرونه فيقع.
[64558]:- زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[64559]:- زيد من ظ و م.
[64560]:- من ظ وم، وفي الأصل: تفيض.
[64561]:- من ظ وم، وفي الأصل: كان.
[64562]:- من ظ و م، وفي الأصل: من أعيانهم.
[64563]:- من ظ وم، وفي الأصل: سنة.
[64564]:- من ظ وم، وفي الأصل: تهاون.
[64565]:- زيد من ظ و م.
[64566]:- زيد من ظ وم.
[64567]:- في م: كمال الإحاطة.
[64568]:- في م: كمال الإحاطة.
[64569]:- زمن ظ وم، وفي الأصل: لآثارها.
[64570]:- من ظ وم، وفي الأصل: بالخاطئين.
[64571]:- زيد من ظ وم.
[64572]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[64573]:-سقط ما بين الرقمين من ظ.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{۞عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجۡعَلَ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ عَادَيۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةٗۚ وَٱللَّهُ قَدِيرٞۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (7)

قوله تعالى : { عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم 7 لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين 8 إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولّوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون } .

بعد إعراض المسلمين عن الكافرين وتركهم موادتهم واجتناب مصانعتهم وملاينتهم بين الله لهم أنه عسى أن يجعل بينهم وبين هؤلاء الذين عادوهم من المشركين مودة وألفة ، ففعل الله بهم ذلك ، إذ أسلم كثير من مشركي قريش فصاروا لهم إخوانا وأولياء وأعوانا .

قوله : { والله قدير } الله مقتدر أن يقرب بين المتاعدين فيشد قلوبهم بعضها إلى بعض بعد تنافر وتباغض . إنه سبحانه قادر أن يؤلف بين القلوب بعد ما غشيها من الضغينة والجفوة ما غشيها . وفي الحديث " أحبب حبيبك هونا ما ، فعسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض يغيضك هونا ما ، فعسى أن يكون حبيبك يوما ما " وقال الشاعر :

وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما *** يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

قوله : { والله غفور رحيم } الله يغفر الذنوب لمن تاب من المشركين فآمن وأناب إلى ربه مؤمنا طائعا مستقيما . وهو سبحانه رحيم بعباده المؤمنين فلا يعذبهم بعد متابهم .