السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجۡعَلَ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ عَادَيۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةٗۚ وَٱللَّهُ قَدِيرٞۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (7)

ولما نزلت الآية الأولى عادى المسلمون أقرباءهم من المشركين ، فعلم الله تعالى شدّة وجد المسلمين في ذلك فنزل :{ عسى الله } أي : أنتم جديرون بأن تطمعوا في الملك إلا على المحيط بكل شيء قدرة وعلماً { أن يجعل } أي : بأسباب لا تعلمونها ، { بينكم وبين الذين عاديتم منهم } أي : كفار مكة ، { مودة } أي : بأن يلهمهم الإيمان فيصيروا لكم أولياء ، وقد جعل ذلك عام الفتح تحقيقاً لما رجاه سبحانه ، لأنّ عسى من الله تعالى وعد ، وهو لا يخلف الميعاد ، { والله } أي الذي له كمال الإحاطة ، { قدير } أي : بالغ القدرة على كل ما يريده ، فهو يقدر على تقليب القلوب وتيسير العسير ، { والله } أي : الذي له جميع صفات الكمال { غفور } أي : محاء لا عيان الذنوب وآثارها ، { رحيم } يكرم الخاطئين إذا أراد بالتوبة ، ثم بالجزاء غاية الإكرام فيغفر لما فرط منكم في موالاتهم من قبل ، وما بقي في قلوبكم من ميل الرحم .