وكذلك ينبغي له أن يجعل الملائكة الكرام الكاتبين منه على بال ، فيجلهم ويوقرهم ، ويحذر أن يفعل أو يقول ما يكتب عنه ، مما لا يرضي رب العالمين ، ولهذا قال : { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ } أي : يتلقيان عن العبد أعماله كلها ، واحد { عَنِ الْيَمِينِ } يكتب الحسنات { و } الآخر { عن الشِّمَالِ } يكتب السيئات ، وكل منهما { قَعِيدٌ } بذلك متهيئ لعمله الذي أعد له ، ملازم له{[825]} .
قوله تعالى : { إذ يتلقى المتلقيان } أي : يتلقى ويأخذ الملكان بالإنسان عمله ومنطقه يحفظانه ويكتبانه ، { عن اليمين وعن الشمال } أي : أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ، فالذي عن اليمين يكتب الحسنات ، والذي عن الشمال يكتب السيئات . { قعيد } أي : قاعد ، ولم يقل : قعيدان ، لأنه أراد : عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد فاكتفى بأحدهما عن الآخر ، هذا قول أهل البصرة . وقال أهل الكوفة : أراد : قعوداً ، كالرسول يجعل للاثنين والجمع ، كما قال الله تعالى في الاثنين : { فقولا إنا رسول رب العالمين } ( الشعراء-16 ) ، وقيل : أراد بالقعيد الملازم الذي لا يبرح ، لا القاعد الذي هو ضد القائم . وقال مجاهد : القعيد الرصيد .
ولما كان سبحانه قد وكل بنا حفظة تحفظ أعمالنا وتضبط أقوالنا وأحوالنا ، فكان المعروف لنا أن سبب الاستحفاظ خوف الغفلة والنسيان ، قدم سبحانه الإخبار بكمال علمه فأمن ذلك المحذور ، علق بأقرب أو نعلم قوله تأكيداً لما علم من إحاطة علمه من عدم حاجته ، وتخويفاً بما هو أقرب إلى مألوفاتنا { إذ } أي حين { يتلقى } أي بغاية الاجتهاد والمراقبة والمراعاة من كل إنسان خلقناه وأبرزناه إلى هذا الوجود { المتلقيان } وما أدراك ما هما ؟[ هما-{[61155]} ] ملكان عظيمان حال كونهما { عن اليمين } لكل إنسان قعيد منهما-{[61156]} { وعن الشمال } كذلك { قعيد * } أي رصد وحبس مقاعد لذلك الإنسان بأبلغ{[61157]} المقاعدة ونحن أقرب منهما وأعلم علماً ، وإنما استحفظناهما لإقامة الحجة بهما على مجاري عاداتكم وغير ذلك من الحكم .
قوله : { إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد } { المتلقيان } هما الملكان عن يمين الإنسان وشماله ، يكتب أحدهما حسناته ويكتب الآخر سيئاته . والتلقي معناه الأخذ . و { قعيد } أي قاعد أو مقاعد أو مترصد ، أي كل من الملكين مجالس للإنسان يرقب سلوكه وتصرفاته فيكتب ما يقول وما يفعل من خير أو شر ، والمعنى : أننا قريبون من ابن آدم ، مطلعون على أحواله وأفعاله وأخباره ، وإن حفظتنا الكتبة موكلون به وهم يلازمونه ولا يبرحونه ويكتبون كل ما يصدر عنه من قول أو فعل . و { قعيد } ، مرفوع على أنه خبر عن الثاني . وحذف { قعيد } من الأول . وتقديره : عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد . فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه . وقيل غير ذلك{[4318]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.