في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (12)

كذلك يعلمهم القرآن أدبا آخر في علاقتهم برسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فيبدو أنه كان هناك تزاحم على الخلوة برسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ليحدثه كل فرد في شأن يخصه ؛ ويأخذ فيه توجيهه ورأيه ؛ أو ليستمتع بالانفراد به مع عدم التقدير لمهام رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] الجماعية ؛ وعدم الشعور بقيمة وقته ، وبجدية الخلوة به ، وأنها لا تكون إلا لأمر ذي بال . فشاء الله أن يشعرهم بهذه المعاني بتقرير ضريبة للجماعة من مال الذي يريد أن يخلو برسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ويقتطع من وقته الذي هو من حق الجماعة . في صورة صدقة يقدمها قبل أن يطلب المناجاة والخلوة :

( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة . ذلك خير لكم وأطهر . فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ) . .

وقد عمل بهذه الآية الإمام علي - كرم الله وجهه - فكان معه - كما روي عنه - دينار فصرفه دراهم . وكان كلما أراد خلوة برسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] لأمر تصدق بدرهم ! ولكن الأمر شق على المسلمين . وعلم الله ذلك منهم . وكان الأمر قد أدى غايته ، وأشعرهم بقيمة الخلوة التي يطلبونها .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (12)

ناجيتم الرسول : إذا أردتم الحديث معه .

فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً : فتصدقوا قبل المناجاة .

ولما أكثر المسلمون من التنافُس في القُرب من مجلس الرسول الكريم لسماعِ أحاديثه ، ولمناجاته في أمورِ الدين ، وشَقّوا في ذلك عليه ، أراد الله أن يخفّف عنه فأنزل قوله تعالى :

{ يا أيها الذين آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ الرسول فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً . . . . } ، إذا أردتم مناجاةَ الرسول فتصدّقوا قبل مناجاتكم له ، ذلك خيرٌ لكم وأطهرُ لقلوبكم . فإن لم تجدوا ما تتصدّقون به فإن الله تعالى قد رخّص لكم في المناجاةِ بلا تقديم صدقة ، { فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (12)

{ 12-13 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

يأمر تعالى المؤمنين بالصدقة ، أمام مناجاة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تأديبا لهم وتعليما ، وتعظيما للرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن هذا التعظيم ، خير للمؤمنين وأطهر أي : بذلك يكثر خيركم وأجركم ، وتحصل لكم الطهارة من الأدناس ، التي من جملتها ترك احترام الرسول صلى الله عليه وسلم والأدب معه بكثرة المناجاة التي لا ثمرة تحتها ، فإنه إذا أمر بالصدقة بين يدي مناجاته صار هذا ميزانا لمن كان حريصا على الخير والعلم ، فلا يبالي بالصدقة ، ومن لم يكن له حرص ولا رغبة في الخير ، وإنما مقصوده مجرد كثرة الكلام ، فينكف بذلك عن الذي يشق على الرسول ، هذا في الواجد للصدقة ، وأما الذي لا يجد الصدقة ، فإن الله لم يضيق عليه الأمر ، بل عفا عنه وسامحه ، وأباح له المناجاة ، بدون تقديم صدقة لا يقدر عليها .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (12)

{ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم } أمام مناجاتكم { صدقة } ، نزلت حين غلب أهل الجدة الفقراء على مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناجاته فكره الرسول ذلك فأمرهم الله بالصدقة عند المناجاة ووضع ذلك عن الفقراء فقال :{ فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم } ثم نسخ الله ذلك فقال :

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (12)

قوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم 12 أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون } .

قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ) : نزلت بسبب أن المسلمين كانوا يكثرون المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه فأراد الله عز وجل أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم فلما قال ذلك كف كثير من الناس ، ثم وسع الله عليهم بالآية التي بعدها { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } ، وقيل : نزلت في الأغنياء ، وذلك أنهم كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس ، حتى كره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك من طول جلوسهم ومناجاتهم ، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية وأمر بالصدقة عند المناجاة ، فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئا وأما أهل الميسرة فبخلوا واشتد ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الرخصة{[4488]} .

وذكر عن علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) قال : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي { ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول } كان لي دينار فبعته وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد ، فنسخت بالآية الأخرى { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } .

قوله : { يأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } يأمر الله المؤمنين أنه إذا أراد أحدهم أن يناجي الرسول - أي يسارّه فيما بينه وبينه - أن يتصدق قبل المسارة بصدقة على المساكين والمحاويج { ذلك خير لكم وأطهر } فإن تقديمكم الصدقة لأهل الحاجة قبل المسارة أطهر لقلوبكم ، فالصدقة طهرة للنفس من الذنوب ثم تكونون بعذ ذلك أكفياء للوقوف في هذا المقام الكريم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قوله : { فإن لم تجدوا فإنّ الله غفور رحيم } يعني من عجز عن التصدق لفقره فما عليه بعد ذلك من بأس ، وإنما يؤمر بالصدقة من له القدرة عليها .


[4488]:أسباب النزول للنيسابوري ص 276.