الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (12)

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { إذا ناجيتم الرسول } الآية قال : إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه ، فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلما قال ذلك : امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا { أأشفقتم } الآية ، فوسع الله عليهم ولم يضيق .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وحسنه ، وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والنحاس عن علي بن أبي طالب قال : «لما نزلت { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } الآية ، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم » ما ترى ديناراً قلت : لا يطيقونه ، قال : فنصف دينار ، قلت : لا يطيقونه ، قال : فكم ، قلت شعيرة ؟ قال : إنك لزهيد ، قال : فنزلت { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } ، قال : فبي خفف الله عن هذه الأمة » .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي قال : ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وما كانت إلا ساعة يعني آية النجوى .

وأخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن عليّ قال : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي درهماً ، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } الآية .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : نهوا عن مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقدموا صدقة فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب ، فإنه قد قدم ديناراً فتصدق به ، ثم ناجى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن عشر خصال ، ثم نزلت الرخصة .

وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل{ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول } الآية قال : أول من عمل بها عليّ رضي الله عنه ثم نسخت ، والله أعلم .