التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (12)

قوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم 12 أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون } .

قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ) : نزلت بسبب أن المسلمين كانوا يكثرون المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه فأراد الله عز وجل أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم فلما قال ذلك كف كثير من الناس ، ثم وسع الله عليهم بالآية التي بعدها { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } ، وقيل : نزلت في الأغنياء ، وذلك أنهم كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس ، حتى كره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك من طول جلوسهم ومناجاتهم ، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية وأمر بالصدقة عند المناجاة ، فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئا وأما أهل الميسرة فبخلوا واشتد ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الرخصة{[4488]} .

وذكر عن علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) قال : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي { ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول } كان لي دينار فبعته وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد ، فنسخت بالآية الأخرى { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } .

قوله : { يأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } يأمر الله المؤمنين أنه إذا أراد أحدهم أن يناجي الرسول - أي يسارّه فيما بينه وبينه - أن يتصدق قبل المسارة بصدقة على المساكين والمحاويج { ذلك خير لكم وأطهر } فإن تقديمكم الصدقة لأهل الحاجة قبل المسارة أطهر لقلوبكم ، فالصدقة طهرة للنفس من الذنوب ثم تكونون بعذ ذلك أكفياء للوقوف في هذا المقام الكريم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قوله : { فإن لم تجدوا فإنّ الله غفور رحيم } يعني من عجز عن التصدق لفقره فما عليه بعد ذلك من بأس ، وإنما يؤمر بالصدقة من له القدرة عليها .


[4488]:أسباب النزول للنيسابوري ص 276.