قال ابن عباس : كان المسلمون أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه وأراد الله أن يخفف عن نبيه ، فلما نزلت آية النجوى شح كثير من الناس فكفوا عن المسألة . وقال مقاتل بن حيان : إن الأغنياء غلبوا الفقراء في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وأكثروا مناجاته فأمر الله بالصدقة عند المناجاة ، فازدادت درجة الفقراء وانحطت رتبة الأغنياء ، وتميز محب الآخرة عن محب الدنيا . قال بعضهم : هذه الصدقة مندوبة لقوله :{ ذلك خير لكم } ولأنه أزيل العمل به بكلام متصل وهو قوله :{ أأشفقتم } ، والأكثرون على أنها كانت واجبة لظاهر الأمر ، والواجب قد يوصف بكونه خيراً ولا يلزم من اتصال الآيتين في القراءة اتصالهما في النزول . وقد يكون الناسخ متقدماً على المنسوخ كما مر في آية الاعتداد بالحول في البقرة . واختلفوا في مقدار تأخرها : فعن الكلبي ما بقي ذلك التكليف إلا ساعة من نهار ، وعن مقاتل بقي عشرة أيام ، وعن علي رضي الله عنه : لما نزلت الآية دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تقول في دينار ؟ قلت : لا يطيقونه . قال : كم ؟ قلت : حبة أو شعيرة . قال : إنك لزهيد أي إنك لقليل المال فقدرت على حسب مالك . وعنه عليه السلام : إن في كتاب الله آية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان لي دينار فاشتريت به عشرة دراهم فكنت إذا ناجيته تصدّقت بدرهم . قال الكلبي : تصدق به في عشر كلمات سألهن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال القاضي : هذا لا يدل على فضله على أكابر الصحابة لأن الوقت لعله لم يتسع للعمل بهذا الفرض . وقال فخر الدين الرازي : سلمنا أن الوقت قد وسع إلا أن الإقدام على هذا العمل مما يضيق قلب الفقير الذي لا يجد شيئاً وينفر الرجل الغني ولم يكن في تركه مضرة ، لأن الذي يكون سبباً للألفة أولى مما يكون سبباً للوحشة . وأيضاً الصدقة عند المناجاة واجبة : أما المناجاة فليست بواجبة ولا مندوبة بل الأولى ترك المناجاة لما بيّنا من أنها كانت سبباً لسآمة النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : هذا الكلام لا يخلو عن تعصب مّا . ومن أين يلزمنا أن نثبت مفضولية علي رضي الله عنه في كل خصلة ، ولم لا يجوز أن يحصل له فضيلة لم توجد لغيره من أكابر الصحابة . فقد روي عن ابن عمر كان لعلي رضي الله عنه ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إليّ من حمر النعم : تزويجه فاطمة رضي الله عنها ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى . وهل يقول منصف إن مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم نقيصة على أنه لم يرد في الآية نهي عن المناجاة ، وإنما ورد تقديم الصدقة على المناجاة ، فمن عمل بالآية حصل له الفضيلة من جهتين : سدّ خلة بعض الفقراء ، ومن جهة محبة نجوى الرسول صلى الله عليه وسلم ففيها القرب منه وحل المسائل العويصة ، وإظهار أن نجواه أحب إلى المناجي من المال ، والظاهر أن الآية منسوخة بما بعدها وهو قوله :{ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.