فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (12)

{ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ( 12 ) أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ( 13 ) } .

قال ابن عباس : نزلت بسبب أن المسلمين كانوا يكثرون المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه ؛ فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم ؛ فلما قال ذلك كف كثير من الناس ؛ ثم وسع الله عليهم بالآية التي بعدها .

يا أهل الإيمان إذا أردتم مساررة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر فابذلوا صدقة توسعون بها على الفقراء قبل أن تناجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي ذلك خير لكم وطهر ، فإن البر والمرحمة مغنم في الدنيا { . . وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه . . }{[6377]} ، والصدقة مطهرة للمال وأصحابه { . . تطهرهم وتزكيهم . . }{[6378]} هذا على القادر ، فأما من لا يقدر فإن الله تعالى يتجاوز عنه ويدخله في رحمته ؛ .

أخفتم من البذل وشق عليكم الإنفاق كلما عزمتم على مناجاة النبي إذ أمرتم أن تسبقوا تلك المسارة بالتصدق ؟ ، { فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم } نسخ الله ذلك الحكم ؛ [ { فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } ، فنسخت فرضية الزكاة هذه الصدقة ؛ وهذا يدل على جواز النسخ قبل الفعل ؛ وما روي عن علي{[6379]} رضي الله عنه ضعيف ؛ لأن الله تعالى قال : { فإذ لم تفعلوا } وهذا يدل على أن أحدا لم يتصدق بشيء والله أعلم ]{[6380]} .

مما أورد الألولسي : و{ إذ } على بابها أعني أنها ظرف لما مضى ؛ وقيل إنها بمعنى إذ الظرفية للمستقبل كما في قوله تعالى : { إذ الأغلال في أعناقهم . . . } ، وقيل بمعنى إن الشرطية كأنه قيل : فإن لم تفعلوا { فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } ، والمعنى على الأول : إنكم تركتم ذلك فيما مضى فتداركوه بالمثابرة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، واعتبرت المثابرة لأن المأمورين مقيمون للصلاة ومؤتون للزكاة . . . { وأطيعوا الله ورسوله } أي في سائر الأوامر ومنها ما تقدم . . . { والله خبير بما تعملون } ظاهرا وباطنا . اه .


[6377]:- سورة سبأ. من الآية 39.
[6378]:- سورة التوبة. من الآية 103.
[6379]:رووا عن علي رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه أنه قال: إن في كتاب الله تعالى لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى: {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول...} كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد؛ ورواية أخرى عن الترمذي قريبة من هذه، قال يعدها أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من هذا الوجه. وطرق أخرى أوردت نحو هذا لكنها منقطعة وسيقت بما يدل على التمريض [روي].
[6380]:- ما بين العارضتين مما أورد صاحب [الجامع لأحكام القرآن..].