في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (77)

76

( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ، ولا تنس نصيبك من الدنيا ) . . وفي هذا يتمثل اعتدال المنهج الإلهي القويم . المنهج الذي يعلق قلب واجد المال بالآخرة . ولا يحرمه أن يأخذ بقسط من المتاع في هذه الحياة . بل يحضه على هذا ويكلفه إياه تكليفا ، كي لا يتزهد الزهد الذي يهمل الحياة ويضعفها .

لقد خلق الله طيبات الحياة ليستمتع بها الناس ؛ وليعملوا في الأرض لتوفيرها وتحصيلها ، فتنمو الحياة وتتجدد ، وتتحقق خلافة الإنسان في هذه الأرض . ذلك على أن تكون وجهتهم في هذا المتاع هي الآخرة ، فلا ينحرفون عن طريقها ، ولا يشغلون بالمتاع عن تكاليفها . والمتاع في هذه الحالة لون من ألوان الشكر للمنعم ، وتقبل لعطاياه ، وانتفاع بها . فهو طاعة من الطاعات يجزي عليها الله بالحسنى .

وهكذا يحقق هذا المنهج التعادل والتناسق في حياة الإنسان ، ويمكنه من الارتقاء الروحي الدائم من خلال حياته الطبيعية المتعادلة ، التي لا حرمان فيها ، ولا إهدار لمقومات الحياة الفطرية البسيطة .

( وأحسن كما أحسن الله إليك ) . . فهذا المال هبة من الله وإحسان . فليقابل بالإحسان فيه . إحسان التقبل وإحسان التصرف ، والإحسان به إلى الخلق ، وإحسان الشعور بالنعمة ، وإحسان الشكران .

( ولا تبغ الفساد في الأرض ) . . الفساد بالبغي والظلم . والفساد بالمتاع المطلق من مراقبة الله ومراعاة الآخرة . والفساد بملء صدور الناس بالحرج والحسد والبغضاء والفساد بإنفاق المال في غير وجه أو إمساكه عن وجهه على كل حال .

( إن الله لا يحب المفسدين ) . . كما أنه لا يحب الفرحين .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (77)

ثم نصحوه بعدة نصائح ، فقالوا :

1 - { وابتغ فِيمَآ آتَاكَ الله الدار الآخرة } : اجعلْ نصيباً منه في سبيل الله والعملِ للدار الآخرة .

2 - { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا } : لا تمنع نفسك نصيبها من التمتع بالحلال في الدنيا . كما في الحديث الشريف : « إن لربك عليك حقاً ، ولنفسِك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا »

3 - { وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ } : أحسنْ الى عباد الله كما أحسن الله إليك بنعمته ، فأيمنْ خلْقه بمالك ، وطلاقة وجهك ، وحسن لقائهم .

4 - { وَلاَ تَبْغِ الفساد فِي الأرض إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المفسدين } : لا تفسد في الأرض متجاوزا حدود الله ، إن الله سبحانه لا يرضى عن ذلك .