الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (77)

وقولهم له : { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا } [ القصص : 77 ] .

قال ابن عباس والجمهور : معناه : لا تُضَيِّعْ عُمْرَكَ في أَن لا تعمل عملاً صالحاً في دنياك إذ الآخرةُ يُعْمَلُ لَهَا في الدنيا ، فنصيبُ الإنسانِ عمرُه وعملَه الصالحُ فيها فينبغي أن لا يُهْمِلَه وحكى الثعلبيّ أنه قيل : أرادوا بنصيبه الكفَنَ .

قال : ( ع ) : وهذا كلُّه وعْظٌ متَّصِلٌ ونحو هذا قولُ الشاعر : [ الطويل ]

نَصِيبُكَ مِمَّا تَجْمَعُ الدَّهْرَ كُلَّه *** رِدَآنِ تلوي فِيهِمَا وَحَنُوطِ

وقال ابن العربي في «أحكامه » : وفي معنى النصيبِ ثلاثة أقوال : الأولُ : لا تَنْس حظَّكَ من الدنيا ، أي : لا تَغْفَلْ أنْ تَعْمَلَ في الدنيا للآخرة . الثاني : أمْسِك مَا يَبْلُغَكَ . فذلك حظُّ الدنيا . وأنْفِقِ الفَضْلَ ، فذلكَ حظُّ الآخرة . الثالث : لاَ تَغْفَلْ عَنْ شُكْرِ مَا أَنْعَمَ اللّهُ بِهِ عَلَيْكَ انتهى .

وقولهُم : { وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ } أمرٌ بِصِلةِ المساكينِ وذَوِي الحاجَاتِ .

( ص ) : { كَمَا أَحْسَنَ } : الكاف للتشبيهِ أو للتعليل ، انتهى .