ثم يعرض صفحة أخرى من صفحات النفس البشرية في الفرح بالرحمة فرح الخفة والاغترار ؛ والقنوط من الشدة واليأس من رحمة الله :
( وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها ، وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ) . .
وهي كذلك صورة للنفس التي لا ترتبط بخط ثابت تقيس إليه أمرها في جميع الأحوال ؛ وميزان دقيق لا يضطرب مع التقلبات . والناس هنا مقصود بهم أولئك الذين لا يرتبطون بذلك الخط ولا يزنون بهذا الميزان . فهم يفرحون بالرحمة فرح البطر الذي ينسيهم مصدرها وحكمتها ، فيطيرون بها ، ويستغرقون فيها ، ولا يشكرون المنعم ، ولا يستيقظون إلى ما في النعمة من امتحان واتبلاء . حتى إذا شاءت إرادة الله أن تأخذهم بعملهم فتذيقهم حالة( سيئة )عموا كذلك عن حكمة الله في الابتلاء بالشدة ، وفقدوا كل رجاء في أن يكشف الله عنه الغمة ؛ وقنطوا من رحمته ويئسوا من فرجه . . وذلك شأن القلوب المنقطعة عن الله ، التي لا تدرك سننه ولا تعرف حكمته . أولئك الذين لا يعلمون . يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا !
ثم ذكر حالَ طائفة من الناس دون سابقيهم ، وهم من تكون عبادتُهم لله رهنَ إصابتهم من الدنيا . . . فإن آتاهم ربهم منها رَضُوا وفرحوا ، وإذا مُنعِوا سَخِطوا وقنِطوا ، فقال :
{ وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ }
فلو أنهم آمنوا إيمانا صادقاً لسلَّموا أمرهم الى الله واستراحوا . وفي الحديث الصحيح :
«عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله له قضاءً إلا كان خيراً له ، فإن أصابته سراء شكرَ فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له »
قرأ الكسائي وأبو عمرو : { يقنِطون } بكسر النون ، والباقون بضمها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.