الآية7 : وقوله تعالى : { ووجدك ضالا فهدى } هذا يخرج على وجوه :
أحدها : يقول : والله أعلم ، لولا أن الله تعالى هداك لدينه ، ووفقك له لوجدك{[23783]} ضالا ، إذ كان منشؤه بين قوم ضلال ، لم يكن أحد يهديه ، ويدعوه إلى الله تعالى ، ولكنه هداك ، وأرشدك فلم يجدك ضالا ، وهو كقوله تعالى : { وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها } ( آل عمران : 103 } أي لولا أنه أنقذكم منها لصرتم على شفا حفرة من النار ، لو لم ينقذكم منها ، وكقوله : { ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا } ( الإسراء : 74 ) لأن البشر أنشئ ، وطبع على الركون والميل إلى النعم العاجلة واختيار الأيسر والألذ ، ولكنه بفضله ولطفه ثبتك ، وعصمك ، ولم يكلك ( إلى ما ){[23784]} طبعت وأنشئت في أصل الخلقة .
فعلى ذلك يقول في قوله : { ووجدك ضالا فهدى } أي لولا أنه هداك لوجدك{[23785]} ضالا ، ولم يهدك ففيه أنه هداه ، ولم يجده ضالا .
والثاني : يقول : { ووجدك ضالا } لا ضلال كسب واختيار ، ولكن ضلال الخلقة التي أنشئ عليها الخلق ، والضلال بمعنى الجهل ، لأن الخلق في ابتداء أحوالهم يكونون جهّالا لا جهل كسب يذمون عليه ، أو يكون لهم علم يحمدون عليه ، ولكن جهل خلقة ( وضلال خلقة ){[23786]} لما ليس معهم آلة درك العلم ، فلا صنع له في كسب الجهل .
فأما بعد الظفر بآلة العلم يكون الجهل مكتسبا ، فيذم عليه ، وكذا العلم ، فيترتب عليه الحمد والذم .
فعلى ذلك يكون قوله تعالى : { ووجدك ضالا فهدى } أي وجدك جاهلا على ما يكون في أصل الخلقة وحالة الصغر ، فهداك إلى علمك ، وهو كقوله تعالى : { ما كنت ندري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا } ( الشورى : 52 ) وقوله تعالى : { وما كنت تتلوا من قبله من كتاب } يذكر أنه لم يكن / 646 أ/يدري شيئا حتى أدراه ، وعلمه .
والثالث : يقول : { ووجدك ضالا } أي غافلا عن ( الأنبياء المتقدمين ){[23787]} وأخبارهم حتى أطلعت الله تعالى على ذلك كقوله : { نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين } ( يوسف : 3 ) .
( والرابع ){[23788]} يقول : ووجدك في أمر القرآن وما فيه جاهلا غافلا عن علمه{[23789]} ، فأعلمك .
وقال بعضهم : ووجدك بين قوم ضلال ، فهداك أي أخرجك من بينهم ، ما لو لم يخرجك من بين أظهرهم لدعوك إلى ما هم عليه ، وأجبروك على ذلك ، ولم يرضوا منك إلا ذلك ، والله أعلم .
وقال بعضهم : { ووجدك ضالا } عن طريق مكة ، فهداك للتوحيد .
ولكن هذا وحش من القول ، إذ لا يليق به أن ينسب إلى ذلك .
وقال بعضهم : { ووجدك ضالا } فهداك للنبوة ، فهو قريب مما ذكرنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.