وقوله تعالى : { وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فهدى } اخْتَلَفَ الناسُ في تأويلِهِ ، والضلالُ يَخْتَلِفُ ، فمنه البعيدُ ومنه القريبُ ؛ فالبعيدُ ضلالُ الكفَّارِ ، وهذا قَدْ عَصَمَ اللَّهُ منه نَبِيَّه فَلَمْ يَعْبُد صلى الله عليه وسلم صَنَماً قط ، ولا تَابعَ الكفارَ على شيءٍ مما هم عليه من الباطلِ ، وإنما ضلالُه صلى الله عليه وسلم هو كَوْنُهُ واقفاً لا يَميزُ المَهْيَعَ ، بل يُدْبِرُ وَيَنْظُر ، وقال الترمذي وعبد العزيز بن يحيى : { ضَالاًّ } معناه : خاملُ الذِّكْرِ لا يعرفُك الناسُ ؛ فهداهُم إليكَ ربُّك ، والصوابُ أنه ضلالُ مَنْ توَقَّفَ لا يَدْرِي ، كما قال عز وجل : { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلاَ الإيمان } [ الشورى : 52 ] وقال الثعلبي : قال بعض المتكلمين : إذا وجَدَتِ العربُ شَجَرَةً مفردة في فلاةٍ سَمَوْها ضالةً فَيُهْتَدَي بها إلى الطريقِ ، أي : فَوَجَدْتُكَ وَحيداً ليس معَك نبيٌّ غيرَك فهديتُ بك الخلقَ إليَّ ، انتهى . قال عياض : وقال الجنيد : المَعْنَى : وَوَجَدَكَ متحيِّراً في بيانِ ما أُنْزِلَ إليكَ فهَدَاكَ لبيانِه ، لقوله : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر } [ النحل : 44 ] الآية ، قال عياض : ولا أعلمُ أحداً من المفسرينَ قَال فيها ضالاًّ عَنْ الإيمانِ ، وكذلك في قصةِ موسى عليه السلام قوله : { فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضالين } [ الشعراء : 20 ] أي المخطئينَ ، وقال ابن عطاء : { وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فهدى } أي : مُحِبًّا لمعرفتِي ، والضَّالُّ : المحِبُّ ، كما قال تعالى : { إِنَّكَ لَفِي ضلالك القديم } [ يوسف : 95 ] أي : محبَّتِكَ القديمةِ ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.