غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ} (7)

1

وفي تفسير تأويل الضلال قولان : الأول أنه الضلال عن الدين . فقال السدي والكلبي : كان على دين قومه أربعين سنة . الثاني وعليه الجمهور أنه ما كفر بالله طرفة عين والمراد عن معالم الشريعة الحنيفية كقوله { ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان } [ الشورى :52 ] وقيل : ضل في صباه في بعض شعاب مكة فأتى أبو جهل على ناقة محمد صلى الله عليه وسلم بين يديه وهو يقول : لا تدري ماذا نرى من ابنك . فقال عبد المطلب : ولم . قال : لأني أنخت الناقة وأركبته من خلفي فأبت الناقة أن تقوم فلما أركبته أمامي قامت الناقة فكانت الناقة تقول : يا أحمق هو الإمام فكيف يكون خلف المقتدي ؟ قال ابن عباس : ردّه الله إلى جده بيد عدوّه كما فعل بموسى حين رباه بيد عدوّه . وقيل : أضلته حليمة عند باب مكة حين فطمته وجاءت به لتردّه على عبد المطلب حتى دخلت هبل وشكت ذلك إليه فتساقطت الأصنام وسمعت صوتاً إنما هلاكنا بيد هذا الصبي . وروي مرفوعاً أنه صلى الله عليه وسلم قال : " ضللت عن جدي عبد المطلب وأنا صبي ضائع كاد الجوع يقتلني فهادني الله " يعني حديث أبي جهل المذكور . وقيل : ضالاً أي مغموراً بين الكفار من ضل الماء في اللبن . وقيل : مجاز في الإسناد والمعنى وجد قومك ضلالاً فهداهم بك . وقيل : كنت منفرداً عن اختلاط أهل الضلال فهداك إلى الاختلاط بهم وإلى دعوتهم . قيل : وعن الهجرة أو القبلة أو عن معرفة جبرائيل أول مرة ، أو عن أمور الدنيا أو عن طريق السماوات فهداك ليلة المعراج . وقيل : الضلال المحبة لفي ضلالك القديم فهداك إلى وجه الوصول إلى المحبوب والمراد بالسلوك . روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد . قلت ليلة لغلام من قريش كان يرعى معي بأعلى مكة : لو حفظت لي غنمتي حتى أدخل مكة فأسمر بها كما يسمر الشبان . فلما أتيت أول دار من دور مكة سمعت الدفوف والمزامير فقالوا : فلان تزوّج بفلانة . فجلست أنظر إليهم فضرب الله على أذني فما أيقظني إلا مسّ الشمس . ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك . فضرب الله على أذني فما أيقظني إلا مسّ الشمس . ثم ما هممت بعدهما بسوء حتى أكرمني الله برسالته .

/خ11