في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ} (36)

33

ثم يعرض صفحة أخرى من صفحات النفس البشرية في الفرح بالرحمة فرح الخفة والاغترار ؛ والقنوط من الشدة واليأس من رحمة الله :

( وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها ، وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ) . .

وهي كذلك صورة للنفس التي لا ترتبط بخط ثابت تقيس إليه أمرها في جميع الأحوال ؛ وميزان دقيق لا يضطرب مع التقلبات . والناس هنا مقصود بهم أولئك الذين لا يرتبطون بذلك الخط ولا يزنون بهذا الميزان . فهم يفرحون بالرحمة فرح البطر الذي ينسيهم مصدرها وحكمتها ، فيطيرون بها ، ويستغرقون فيها ، ولا يشكرون المنعم ، ولا يستيقظون إلى ما في النعمة من امتحان واتبلاء . حتى إذا شاءت إرادة الله أن تأخذهم بعملهم فتذيقهم حالة( سيئة )عموا كذلك عن حكمة الله في الابتلاء بالشدة ، وفقدوا كل رجاء في أن يكشف الله عنه الغمة ؛ وقنطوا من رحمته ويئسوا من فرجه . . وذلك شأن القلوب المنقطعة عن الله ، التي لا تدرك سننه ولا تعرف حكمته . أولئك الذين لا يعلمون . يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ} (36)

{ وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون . }

المفردات :

وإن تصبهم سيئة : بلاء وعقوبة .

يقنطون : ييأسون من رحمة الله .

التفسير :

من شأن الإنسان إذا جاءت إليه النعمة والصحة ، والمال والأولاد والجاه والسلطان وأشباه ذلك ، فرح بهذا فرح البطر والأشر ، وإذا سلبت عنه النعمة بسبب سلوكه وارتكابه للمعاصي والآثام ، إذا به يصيبه القنوط واليأس من روح الله وفضله ، وهذا إنكار على الإنسان من حيث هو إنسان ، فهو جازع في البأساء ، شحيح في النعماء ، ما عدا المؤمن فهو صابر في البأساء ، شاكر لربه في النعماء .

روى مسلم في كتاب الزهد ، والرقائق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " . xi

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ} (36)

قوله { وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا } تلك هي حال أكثر الناس سواء فيهم المشركون أو ضَعَفَة الإيمان من المسلمين ، الذين لم يرسخ الإيمان في قلوبهم رسوخا ، فأولئك إذا أصابهم الله برحمته كالخصب والرخاء والسعة والأمن والعافية في الأبدان والأولاد وغير ذلك من وجوه النعم { فَرِحُوا بِهَا } أي فرحوا بهذه النعم .

قوله : { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } إن ، شرطية ، وجوابها { إذا } بمنزلة الفاء{[3612]} أي إذا أصابهم بلاء أو شدة كالجدب أو القحط أو المرض أو غير ذلك من ضروب المرض بسبب عصيانهم وذنوبهم { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } أي يأسون من الفرج وانكشاف البلاء والكروب .


[3612]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 251.