في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا} (11)

11

( ذرني ومن خلقت وحيدا ) . .

والخطاب للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ومعناه خل بيني وبين هذا الذي خلقته وحيدا مجردا من كل شيء آخر مما يعتز به من مال كثير ممدود وبنين حاضرين شهود ونعم يتبطر بها ويختال ويطلب المزيد . خل بيني وبينه ولا تشغل بالك بمكره وكيده . فأنا سأتولى حربه . . وهنا يرتعش الحس ارتعاشة الفزع المزلزل ؛ وهو يتصور انطلاق القوة التي لا حد لها . . قوة الجبار القهار . . لتسحق هذا المخلوق المضعوف المسكين الهزيل الضئيل ! وهي الرعشة التي يطلقها النص القرآني في قلب القارئ والسامع الآمنين منها . فما بال الذي تتجه إليه وتواجهه !

ويطيل النص في وصف حال هذا المخلوق ، وما آتاه الله من نعمه وآلائه ، قبل أن يذكر إعراضه وعناده . فهو قد خلقه وحيدا مجردا من كل شيء حتى من ثيابه ! ثم جعل له مالا كثيرا ممدودا . ورزقه بنين من حوله حاضرين شهودا ، فهو منهم في أنس وعزوة . ومهد له الحياة تمهيدا ويسرها له تيسيرا . . ( ثم يطمع أن أزيد ) . . فهو لا يقنع بما أوتي ، ولا يشكر ويكتفي . . أم لعله يطمع في أن ينزل عليه الوحي وأن يعطى كتابا كما سيجيء في آخر السورة : ( بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ) . . فقد كان ممن يحسدون الرسول[ صلى الله عليه وسلم ] على إعطائه النبوة .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا} (11)

عناد الوليد بن المغيرة

{ ذرني ومن خلقت وحيدا 11 وجعلت له مالا ممدودا 12 وبنين شهودا 13 ومهّدت له تمهيدا 14 ثم يطمع أن أزيد 15 كلاّ إنه كان لآياتنا عنيدا 16 سأرهقه صعودا 17 إنه فكّر وقدّر 18 فقتل كيف قدّر 19 ثم قتل كيف قدّر 20 ثم نظر 21 ثم عبس وبسر 22 ثم أدبر واستكبر 23 فقال إن هذا إلا سحر يؤثر 24 إن هذا إلا قول البشر 25 سأصليه سقر 26 وما أرداك ما سقر 27 لا تبقي ولا تذر 28 لوّاحة للبشر 29 عليها تسعة عشر 30 }

المفردات :

ذرني ومن خلقت وحيدا : دعني وإياه ، فإني أكفيكه .

11

التفسير :

11-ذرني ومن خلقت وحيدا .

أي : دعني وحدي ومن خلقته ، فأنا أكفيك أمره ، وأغنيك في الانتقام منه عن كل منتقم .

قال ابن عباس وغيره : نزلت هذه الآية وما بعدها في الوليد بن المغيرة ، بل قيل إن هذا القول متفق عليه .

قال مقاتل :

المعنى : خلّ بيني وبينه فأنا أنفرد بهلكته ، وفي هذا وعيد شديد على تمرده ، وعظيم عناده واستكباره ، لما أوتيه من بسطة المال والجاه ، وكان يقول : أنا الوحيد ابن الوحيد ، ليس لي في العرب نظير ، ولا لأبي نظير ، وقد تهكم الله به وبلقبه ، وصرفه عن الغرض الذي كانوا يقصدونه ، من مدحه والثناء عليه إلى ذمّه وعيبه ، فجعله وحيدا في الشر والخبث .

ولك أن تتصور مخلوقا ضعيفا أمام قدرة الخالق المدبّر ، الذي يقول للشيء كن فيكون ، وذكر المفسرون أن هذا الشقي –الوليد بن المغيرة- ما زال بعد نزول هذه الآية في نقص من ماله وولده حتى هلك .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا} (11)

قوله عز وجل{ ذرني ومن خلقت وحيداً } أي : خلقته في بطن أمه وحيداً فريداً لا مال له ولا ولد . نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي ، كان يسمى الوحيد في قومه .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا} (11)

وقوله { ذرني ومن خلقت وحيدا } أي لا تهتم لشأنه فإني أكفيك أمره أي الوليد بن المغيرة يقول خلقته وحيدا لا ولد له ولا مال

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا} (11)

قوله تعالى : " ذرني ومن خلقت وحيدا " " ذرني " أي دعني ، وهي كلمة وعيد وتهديد . " ومن خلقت " أي دعني والذي خلقته وحيدا ، ف " وحيدا " على هذا حال من ضمير المفعول المحذوف ، أي خلقته وحده ، لا مال له ولا ولد ، ثم أعطيته بعد ذلك ما أعطيته . والمفسرون على أنه الوليد بن المغيرة المخزومي ، وإن كان الناس خلقوا مثل خلقه . وإنما خص بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة وإيذاء الرسول عليه السلام ، وكان يسمى الوحيد في قومه . قال ابن عباس : كان الوليد يقول : أنا الوحيد بن الوحيد ، ليس لي في العرب نظير ، ولا لأبي المغيرة نظير ، وكان يسمى الوحيد ، فقال الله تعالى : " ذرني ومن خلقت " بزعمه " وحيدا " لا أن الله تعالى صدقه بأنه وحيد . وقال قوم : إن قوله تعالى : " وحيدا " يرجع إلى الرب تعالى على معنيين : أحدهما : ذرني وحدي معه فأنا أجزيك في الانتقام منه عن كل منتقم . والثاني : أني انفردت بخلقه{[15565]} ولم يشركني فيه أحد ، فأنا أهلكه ولا أحتاج إلى ناصر في إهلاكه ، " فوحيدا " على هذا حال من ضمير الفاعل ، وهو التاء في " خلقت " والأول قول مجاهد ، أي خلقته وحيدا في بطن أمه لا مال له ولا ولد ، فأنعمت عليه فكفر ، فقوله : " وحيدا " على هذا يرجع إلى الوليد ، أي لم يكن له{[15566]} شيء فملكته . وقيل : أراد بذلك ليدله على أنه يبعث وحيدا كما خلق وحيدا . وقيل : الوحيد الذي لا يعرف{[15567]} أبوه ، وكان الوليد معروفا بأنه دعي ، كما ذكرنا في قوله تعالى : " عتل بعد ذلك زنيم " [ القلم : 13 ] وهو في صفة الوليد أيضا .


[15565]:في أ، ح، و: "أفردت".
[15566]:كلمة "له" ساقطة من أ، ح، ل.
[15567]:في ز، ط، ل: "لا يتبين".
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا} (11)

ولما آذن هذا بأن أكثر الخلق يوافى يوم القيامة على كفره وخبث طويته{[69733]} وسوء أمره وكان ذلك مما يهم لشفقته صلى الله عليه وسلم على الخلق ، ولما يعلم من نصبهم{[69734]} للعداوة ، هون أمرهم عليه وحقر شأنهم لديه بوعده بالكفاية بقوله مستأنفاً منبهاً على أسباب الهلاك التي أعظمها الغرور وهو شبهة زوجتها شهوة : { ذرني } أي أتركني على أي حالة اتفقت { ومن } أي مع كل من { خلقت } أي أوجدت من العدم وأنشأت في أطوار الخلقة ، حال كونه { وحيداً * } لا مال له ولا ولد{[69735]} ولا شيء ، وحال كوني أنا واحداً شديد الثبات في صفة الوحدانية لم{[69736]} يشاركني في صنعه{[69737]} أحد فلم يشكر هذه النعمة بل كفرها بالشرك بالله {[69738]}سبحانه القادر على إعدامه بعد إيجاده{[69739]} .


[69733]:من م، وفي ظ: طينته.
[69734]:من م، وفي ظ: نصحهم.
[69735]:وإلى هنا انتهى الطمس في الأصل.
[69736]:من ظ و م، وفي الأصل: لا.
[69737]:من ظ و م، وفي الأصل: صنعى.
[69738]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[69739]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.