السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا} (11)

{ ذرني } أي : اتركني على أي حالة اتفقت { ومن خلقت } معطوف على المفعول أو مفعول معه . وقوله تعالى : { وحيداً } فيه أوجه : أحدها : أنه حال من الياء في ذرني أي : ذرني وحدي معه فأنا أكفيك في الانتقام منه ، الثاني : أنه حال من التاء في خلقت أي : خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد فأنا أهلكه ، الثالث : أنه حال من عائد المحذوف أي : خلقته وحيداً ، فوحيداً على هذا حال من ضمير المفعول المحذوف أي : خلقته في بطن أمّه وحيداً لا مال له ولا ولد ، ثم أعطيته بعد ذلك ما أعطيته ، قاله مجاهد . الرابع : أن ينتصب على الذم لأنه يقال : إنّ وحيداً كان لقباً للوليد بن المغيرة المخزومي ومعنى وحيداً : ذليلاً قيل : إنه كان يزعم أنه وحيد في فضله وماله وليس في ذلك ما يقتضي صدق مقالته لأنّ هذا اللقب له شهرة به ، وقد يلقب الإنسان بما لا يتصف به وإذا كان لقباً تعين نصبه على الذم . قال ابن عباس : كان الوليد يقول : أنا الوحيد بن الوحيد ليس لي في العرب نظير ولا لأبي المغيرة نظير .

قال الرازي : وردّ هذا القول بعضهم بأنه تعالى لا يصدقه في دعواه تلك بأنه وحيد لا نظير له ذكره الواحدي وهو ضعيف من وجوه ثلاثة : لأنه قد يكون الوحيد علماً فيزول السؤال لأنّ اسم العلم لا يفيد في المسمى صفة بل هو قائم مقام الإشارة . الثاني : أن يكون ذلك بحسب ظنه واعتقاده كقوله عز وجل { ذق إنك أنت العزيز الكريم } [ الدخان : 49 ] . الثالث : أنه وحيد في كفره وعناده وخبثه لأن لفظ الوحيد ليس فيه أنه وحيد في العلو والشرف . الرابع : قال أبو سعيد : الوحيد الذي لا أب له كما تقدم في الزنيم .