فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا} (11)

{ ذرني ومن خلقت وحيدا } أي دعني واتركني وهي كلمة تهديد ووعيد ، والمعنى دعني والذي خلقته حال كونه وحيدا في بطن أمه لا مال ولا ولد ، هذا على أن وحيدا منتصب على الحال من الموصول أو من الضمير العائد المحذوف ، ويجوز أن يكون حالا من الياء في ذرني أي دعني وحدي معه فإني أكفيك في الانتقام منه ، والأول لأولى ، قال المفسرون وهو الوليد بن المغيرة وبه قال ابن عباس ، قال مقاتل خل بيني وبينه فأنا أنفرد بهلكته ، وإنما خص بالذكر لمزيد كفره وعظيم جحوده لنعم الله عليه .

وقيل أراد بالوحيد الذي لا يُعرف أبوه وكان يقال في الوليد أنه دعي ، وعن ابن عباس قال " إن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له ، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال له يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله ، قال قد علمت قريش أني من أكثرها مالا ، قال فقل فيه قولا يبلغ قومك إنك منكر له وإنك كاره له ، قال وماذا أقول فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني لا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن ، والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئا من هذا ، ووالله إن لقوله الذي يقول لحلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه ، مغدق أسفله ، وإنه ليعلو وما يعلى ، وإنه ليحطم ما تحته ، قال والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه ، قال فدعني حتى أفكر فلما فكر قال هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره ، فنزلت { ذرني ومن خلقت وحيدا } أخرجه الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل وقد أخرجه عبد الرزاق عن عكرمة مرسلا وكذا غير واحد ( {[1657]} ) .


[1657]:رواه بهذا اللفظ الواحدي في "أسباب النزول" 330 من رواية عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس، وسنده صحيح. رواه الحاكم به وقال: زاد المسير 8/403.