الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا} (11)

قوله : { وَمَنْ خَلَقْتُ } : كقولِه : { وَالْمُكَذِّبِينَ } [ المزمِّل : 11 ] في الوجهَيْنِ المتقدمَيْنِ في السورةِ قبلها .

قولِه : { وَحِيداً } فيه أوجه ، أحدها : أنه حالٌ من الياء في " ذَرْني " أي : ذَرْنِي وَحْدي معه فأنا أَكْفِيْكَ في الانتقام منه . الثاني : أنه حالٌ مِنَ التاء في " خَلَقْتُ " أي : خَلَقْتُه وَحْدي لم يُشْرِكْني في خَلْقِه أحدٌ ، فأنا أَمْلِكُه . الثالث : أنَّه حالٌ مِنْ " مَنْ " . الرابع : أنه حالٌ من عائدِ المحذوفِ أي : خَلَقْتُه وحيداً . الخامس : أن ينتصِبَ على الذمِّ . و " وحيد " كان لَقَباً للوليدِ بن المُغِيرة . ومعنى " وحيداً " : ذليلاً قليلاً . وقيل : كان يَزْعُمُ أنه وحيدٌ في فَضْلِه ومالِه . وليس في ذلك ما يَقْتَضي صِدْقَ مقالتِه ؛ لأنَّ هذا لَقَبٌ له شُهِر به ، وقد يُلَقَّبُ الإِنسانُ بما لا يَتَّصِفُ به ، وإذا كان لَقَباً تَعَيَّنَ نصبُه على الذمِّ .