في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (25)

ثم يكشف لهم كذلك عن سلطان الله في قلوبهم ، وهم بعد في الأرض ، يستكبرون عن الإيمان بالله . فالله قد قيض لهم - بما اطلع على فساد قلوبهم - قرناء سوء من الجن ومن الأنس ، يزينون لهم السوء ، وينتهون بهم إلى مواكب الذين كتب عليهم الخسران ، وحقت عليهم كلمة العذاب :

( وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم ، وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس ، إنهم كانوا خاسرين ) . .

فلينظروا كيف هم في قبضة الله الذي يستكبرون عن عبادته . وكيف أن قلوبهم التي بين جنوبهم تقودهم إلى العذاب والخسارة وقد قيض الله وأحضر قرناء يوسوسون لهم ، ويزينون لهم كل ما حولهم من السوء ، ويحسنون لهم أعمالهم فلا يشعرون بما فيها من قبح . وأشد ما يصيب الإنسان أن يفقد إحساسه بقبح فعله وانحرافه ، وأن يرى كل شيء من شخصه حسنا ومن فعله ! فهذه هي المهلكة وهذا هو المنحدر الذي ينتهي دائماً بالبوار .

وإذا هم في قطيع السوء . في الأمم التي حق عليها وعد الله من قبلهم من الجن والإنس . قطيع الخاسرين ( إنهم كانوا خاسرين ) .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (25)

ألوان من عناد الكافرين وسوء مصيرهم .

{ وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين 25 وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون 26 فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون 27 ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون 28 وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين 29 }

المفردات :

قيضنا : يسرنا وبعثنا وهيأنا .

قرناء : رفقاء وأصدقاء وأصحاب ، من قرن الشيء بالشيء ، أي : وصلَه به ، وأصحبه إياه .

فزينوا لهم : فحسّنوا لهم .

ما بين أيديهم : من قبائح أعمال الدنيا .

وما خلفهم : من أمور الآخرة ، مثل إنكار البعث والحشر ، حيث حسّنوا لهم التكذيب بالآخرة .

وحق عليهم القول : وجب عليهم الوعيد بالعذاب .

خلت : مضت ، أي : في جملة أمم كافرة قد مضت من قبلهم .

خاسرين : حين باعوا نعيم الآخرة ، واشتروا عذابها .

25

التفسير :

25-{ وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين } .

إذا أراد الله بعبد خيرا رزقه رفيقا صالحا يذكّره إذا غفل ، ويأمره بالخير ويحذّره من الشر ، وإذا أراد الله بعبد شرا يسر له رفيق سوء ، لا يذكّره إذا غفل ، ولا يأمره بالخير ولا ينهاه عن الشرّ .

قال تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون } . ( الزخرف : 36 ، 37 )

ومعنى الآية :

من سوء أعمالهم يسرنا لهم رفقاء سوء ، يحثّونهم على الشرّ ، ويزيّنون لهم المعاصي والكفر والفسوق في الدنيا ، ونكران البعث والحشر والجزاء في الآخرة ، فاستحقوا لعنة الله وعذاب النار مع أمم سابقة ، مثل قوم نوح وعاد وثمود ، وأشقياء من الجن والإنس باعوا ضمائرهم وآثروا العاجلة ، فخسروا نعيم الآخرة واستحقوا عذابها .

وفي أمثالهم يقول القرآن الكريم : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا* الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا } . ( الكهف : 103-106 ) .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{۞وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَحَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ خَٰسِرِينَ} (25)

{ وقيضنا لهم قرناء } أي : يسرنا لهم قرناء سوء من الشياطين وغواة الإنس .

{ فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم } ما بين أيديهم ما تقدم من أعمالهم ، وما خلفهم ما هم عازمون عليه أو ما بين أيديهم من أمر الدنيا وما خلفهم من أمر الآخرة ، والتكذيب بها .

{ وحق عليهم القول } أي : سبق عليهم القضاء بعذابهم .

{ في أمم } أي : في جملة أمم ، وقيل : في بمعنى مع .