في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

21

( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا : هذا عارض ممطرنا . بل هو ما استعجلتم به : ريح فيها عذاب أليم ، تدمر كل شيء بأمر ربها ، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم . كذلك نجزي القوم المجرمين ) . .

وتقول الروايات : إنه أصاب القوم حر شديد ، واحتبس عنهم المطر ، ودخن الجو حولهم من الحر والجفاف . ثم ساق الله إليهم سحابة ، ففرحوا بها فرحا شديدا ، وخرجوا يستقبلونها في الأودية ، وهم يحسبون فيها الماء : ( قالوا هذا عارض ممطرنا ) . .

وجاءهم الرد بلسان الواقع : ( بل هو ما استعجلتم به : ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها ) . . وهي الريح الصرصر العاتية التي ذكرت في سورة أخرى . كما جاء في صفتها : ( ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ) .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

21

المفردات :

العارض : السحاب الذي يعرض في أفق السماء .

مستقبل أوديتهم : متجها إليها .

التفسير :

24- { فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم } .

كان قوم عاد على جانب من الثروة والغنى ، والبأس والقوة ، قال تعالى : { فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون } . ( فصلت : 15 ) .

ومن ذلك نلمح أن القوم كذبوا واستهتروا واستخفوا بقدرة السماء ، وتحدوا نبيهم ، ومكثوا فترة في الجفاف وعدم المطر ، ثم رأوا سحابة تعترض الأفق ففرحوا بها فرحا شديدا ، وخرجوا إلى الأودية ينتظرون نزول المطر ، ففاجأهم لسان الحال بتحول السحابة إلى ريح عاتية ، مكلفة بتدمير عاد ، وإفنائهم عن آخرهم .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

{ رأوه عارضا } أي رأوه سحابا عارضا في أفق السماء . والعرب تسمى السحاب – الذي يرى في بعض آفاق السماء عشيا ، ثم يصبح من الغد قد استوى وحبا بعضه إلى بعض - : عارضا ؛ وذلك لعرضه في بعض أرجاء السماء حين نشأ .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

العارض : السحاب الذي يعرض في أفق السماء .

مستقبل أوديتهم : متجها إليها .

فأتاهم العذابُ في صورة سحاب . فلَمّا رأَوه ممتدّا في الأفُق مقبلاً على أوديتهم ظنّوه غيثاً فقالوا فرِحين : هذا سحابٌ جاءنا بالمطر والخير . فقيل لهم : بل هو العذابُ الذي طلبتموه واستعجلتم به . إنها ريحٌ فيها عذابٌ شديدُ الألم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

{ فلما رأوه } أي السحاب { عارضا } قد عرض في السماء { مستقبل أوديتهم } يأتي من قبلها { قالوا هذا عارض ممطرنا } سحاب يمطر علينا قال الله تعالى { بل هو ما استعجلتم به } من العذاب

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

" فلما رأوه عارضا " قال المبرد : الضمير في " رأوه " يعود إلى غير مذكور ، وبينه قوله : " عارضا " فالضمير يعود إلى السحاب ، أي فلما رأوا السحاب عارضا . ف " عارضا " نصب على التكرير ، سمي بذلك لأنه يبدو في عرض السماء . وقيل : نصب على الحال . وقيل : يرجع الضمير إلى قوله : " فأتنا بما تعدنا " فلما رأوه حسبوه سحابا يمطرهم ، وكان المطر قد أبطأ عنهم ، فلما رأوه " مستقبل أوديتهم " استبشروا . وكان قد جاءهم من واد جرت العادة أن ما جاء منه يكون غيثا ، قاله ابن عباس وغيره . " قالوا هذا عارض ممطرنا " قال الجوهري : والعارض السحاب يعترض في الأفق ، ومنه قوله تعالى : " هذا عارض ممطرنا " أي ممطر لنا ، لأنه معرفة لا يجوز أن يكون صفة لعارض وهو نكرة . والعرب إنما تفعل مثل هذا في الأسماء المشتقة من الأفعال دون غيرها . قال جرير :

يا رُبَّ غابِطنا لو كان يطلبكم *** لاقى مباعدةً منكم وحرمانا

ولا يجوز أن يقال : هذا رجل غلامنا . وقال أعرابي بعد الفطر : رب صائمة لن تصومه ، وقائمة لن تقومه ، فجعله نعتا للنكرة وأضافه إلى المعرفة .

قلت : قوله : ( لا يجوز أن يكون صفة لعارض ) خلاف قول النحويين ، والإضافة في تقدير الانفصال ، فهي إضافة لفظية لا حقيقية ، لأنها لم تفد الأول تعريفا ، بل الاسم نكرة على حاله ، فلذلك جرى نعتا على النكرة . هذا قول النحويين في الآية والبيت . ونعت النكرة نكرة . و " رب " لا تدخل إلا على النكرة . " بل هو " أي قال هود لهم . والدليل عليه قراءة من قرأ " قال هود بل هو " وقرئ " قل بل ما استعجلتم به هي ريح " أي قال الله : قل بل هو ما استعجلتم به ، ويعني قولهم : " فأتنا بما تعدنا " ثم بين ما هو فقال : " ريح فيها عذاب أليم " والريح التي عذبوا بها نشأت من ذلك السحاب الذي رأوه ، وخرج هود من بين أظهرهم ، فجعلت تحمل الفساطيط وتحمل الظعينة{[13861]} فترفعها كأنها جرادة ، ثم تضرب بها الصخور . قال ابن عباس : أول ما رأوا العارض قاموا فمدوا أيديهم ، فأول ما عرفوا أنه عذاب رأوا ما كان خارجا من ديارهم من الرجال والمواشي تطير بهم الريح ما بين السماء والأرض مثل الريش ، فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم ، فقلعت الريح الأبواب وصرعتهم ، وأمر الله الريح فأمالت عليهم الرمال ، فكانوا تحت الرمال سبع ليال وثمانية أيام حسوما{[13862]} ، ولهم أنين ، ثم أمر الله الريح فكشف عنهم الرمال واحتملتهم فرمتهم في البحر ، فهي التي قال الله تعالى فيها : " تدمر كل شيء بأمر ربها " أي كل شيء مرت عليه من رجال عاد وأموالها . قال ابن عباس : أي كل شيء بعثت إليه .


[13861]:الظعينة: الجمل يظعن عليه. والهودج فيه امرأة أم لا.
[13862]:الأيام الحسوم: الدائمة في الشر.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

ولما تسبب{[58959]} عن قولهم هذا إتيان العذاب فأتاهم-{[58960]} في سحاب أسود{[58961]} ، {[58962]}استمروا على جهلهم{[58963]} وعادتهم في الأمن وعدم تجويز الانتقام ، وكأن إتيانه كان قريباً من استعجالهم به ، فلذلك أتى بالفاء في قوله مسبباً {[58964]}عن تكذيبهم{[58965]} مبيناً لعظيم جهلهم بجهلهم في المحسوسات ، مفصلاً لما كان من حالهم عند رؤية البأس : { فلما رأوه } أي العذاب الذي يعدهم به { عارضاً } أي سحاباً أسود بارزاً في الأفق ظاهر الأمر عند من له أهلية النظر ، حال كونه قاصداً إليهم-{[58966]} { مستقبل أوديتهم } أي طالباً لأن يكون مقابلاً لها وموجداً لذلك ، وهو وصف لعارضاً{[58967]} فهو نكرة إضافته{[58968]} لفظية وإن كان مضافاً{[58969]} إلى معرفة ، وكذا " ممطرنا " { قالوا } على عادة جهلهم مشيرين إليه بأداة القرب الدالة على أنهم في غاية{[58970]} الجهل ، لأن جهلهم به استمر حتى كاد أن يواقعهم{[58971]} : { هذا عارض } أي سحاب معترض في عرض السماء أي ناحيتها { ممطرنا } لكونهم{[58972]} رأوه أسود مرتاداً فظنوه ممتلئاً ماء يغاثون{[58973]} به بعد طول القحط وإرسال رسلهم إلى مكة المشرفة ليدعوا لهم هنالك الله الذي استخفوا به بالقدح في ملكه بأن أشركوا به من هو دونهم ، علماً منهم بأن شركاءهم لا تغني عنهم في الإمطار شيئاً ، غافلين عن ذنوبهم الموجبة لعذابهم ، فلذلك قال الله تعالى مضرباً{[58974]} عن كلامهم ، والظاهر أنه حكاية لقول هود عليه الصلاة والسلام في جواب كلامهم : { بل هو } أي هذا العارض الذي ترونه { ما استعجلتم به } أي طلبتم العجلة في إتيانه إليكم من العذاب .

ولما اشتد تشوف السامع {[58975]}إلى معرفته{[58976]} قال{[58977]} : { ريح } أي ركمت هذا السحاب الذي رأيتموه { فيها عذاب أليم * } أي شديد الإيلام ، كانت تحمل الظعينة في الجو تحملها وهودجها حتى ترى كأنها جرادة ، وكانوا يرون ما كان خارجاً عن منازلهم من الناس والمواشي تطير بهم الريح بين السماء والأرض ثم تقذف بهم


[58959]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: سبب.
[58960]:زيد من م.
[58961]:زيدت الواو في الأصل و ظ ولم تكن في م ومد فحذفناها.
[58962]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58963]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58964]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: عنهم.
[58965]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: عنهم.
[58966]:زيد من م ومد.
[58967]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: لعارض.
[58968]:من م ومد، وفي الأصل ظ: إضافة
[58969]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:مضافة.
[58970]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:عنابه.
[58971]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: يوافقهم.
[58972]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لأنهم.
[58973]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: يعانون.
[58974]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: مضربهم.
[58975]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: لمعرفته.
[58976]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: لمعرفته.
[58977]:زيد في الأصل:به، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.