قوله عز وجل : { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتهِمْ } يعني السحاب . وأنشد الأخفش لأبي كبير{[2631]} الهذلي :
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه . . . برقت كبرق العارض المنهال{[2632]} .
وفي تسميته عارضاً ثلاثة أقاويل :
أحدها : لأنه أخذ في عرض السماء ، قال ابن عيسى .
الثاني : لأنه يملأ آفاق السماء ، قال النقاش .
الثالث : لأنه مار من السماء . والعارض هو المار الذي لا يلبث وهذا أشبه .
{ قَاُلوا هَذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } حسبوه سحاباً يمطرهم ، وكان المطر قد أبطأ عليهم .
{ بَل هُوَ مَا اسْتَعْجَلتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذابٌ أَلِيمٌ } كانوا حين أوعدهم هود استعجلوه استهزاء منهم بوعيده ، فلما رأوا السحاب بعد طول الجدب أكذبوا هوداً وقالوا : هذا عارض ممطرنا .
ذكر أن القائل ذلك من قوم عاد ، بكر بن معاوية . فلما نظر هود إلى السحاب قال : بل هو ما استعجلتم به ، أي الذي طلبتم تعجيله ريح فيها عذاب أليم{[2633]} وهي الدبور .
وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « نُصِرْتُ بِالصبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ{[2634]} » فنظر بكر بن معاوية إلى السحاب فقال : إني لأرى سحاباً مُرْمِداً ، لا يدع من عَادٍ أحداً . فذكر عمرو بن ميمون أنها كانت تأتيهم بالرجل الغائب حتى تقذفه في ناديهم .
قال ابن اسحاق : واعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه هو ومن معه فيها إلا ما يلين على الجلود وتلتذ الأنفس{[2635]} به ، وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض .
وحكى الكلبي أن شاعرهم قال في ذلك :
فدعا هود عليهم . . . دعوة أضحوا همودا
عصفت ريح عليهم . . . تركت{[2636]} عاداً خمودا
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.