فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

{ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً } الضمير يرجع إلى «ما » في قوله : { بِمَا تَعِدُنَا } . وقال المبرد والزجاج : الضمير في { رَأَوْهُ } يعود إلى غير مذكور ، وبينه قوله : { عَارِضاً } ، فالضمير يعود إلى السحاب : أي فلما رأوا السحاب عارضاً ، ف { عارضاً } نصب على التكرير ، يعني : التفسير ، وسمي السحاب عارضاً لأنه يبدو في عرض السماء . قال الجوهري : العارض : السحاب يعترض في الأفق ، ومنه قوله : { هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } وانتصاب { عارضاً } على الحال ، أو التمييز { مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } أي متوجهاً نحو أوديتهم .

قال المفسرون : كانت عاد قد حبس عنهم المطر أياماً ، فساق الله إليهم سحابة سوداء ، فخرجت عليهم من واد لهم يقال له : المعتب ، فلما رأوه مستقبل أوديتهم استبشروا ، و { قَالُواْ هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } أي غيم فيه مطر ، وقوله : { مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } صفة لعارض ؛ لأن إضافته لفظية لا معنوية ، فصح وصف النكرة به ، وهكذا ممطرنا ، فلما قالوا ذلك أجاب عليهم هود ، فقال : { بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ } يعني : من العذاب حيث قالوا : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } وقوله : { رِيحٌ } بدل من ما ، أو خبر مبتدأ محذوف ، وجملة : { فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } صفة لريح ، والريح التي عذبوا بها نشأت من ذلك السحاب الذي رأوه .

/خ28