الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

والضميرُ في { رَأَوْهُ } يحتمل أنْ يعودَ على العذاب ، ويحتمل أنْ يعودَ على الشيء المرئِيِّ الطالِعِ عليهم ، وهو الذي فَسَّرَهُ قوله : { عَارِضاً } والعَارِض : هو ما يَعْرِضُ في الجَوِّ من السحاب المُمْطِر ؛ قال ابن العربيِّ في «أحكامه » عند تفسيره قوله تعالى : { وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأيمانكم } [ البقرة : 224 ] : كُلُّ شيء عَرَضَ ، فقد مَنَعَ ، ويقال لِمَا عَرَضَ في السماء من السحاب : «عارِضٌ » ؛ لأَنَّه مَنَعَ من رؤيتها ومن رؤية البدر والكواكب ، انتهى . ورُوِيَ في معنى قوله : { مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } ؛ أَنَّ هؤلاء القومَ كانوا قد قَحَطُوا مُدَّةً ، فطلع هذا العارض من جهة كانوا يُمْطَرُونَ بها أبداً ، جاءهم من قِبَلِ وادٍ لهم يسمونه المُغِيثَ ، قال ابن عباس : ففرحوا به ، و { قالوا هذا عارضٌ مُمْطِرُنا } وقد كذب هودٌ فيما أوعد به ، فقال لهم هُودٌ عليه السلام : ليس الأمر كما رأيتم ، { بل هو ما استعجلتم به } في قولكم : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } [ الأحقاف : 22 ] ثم قال : { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } وفي قراءة ابن مسعود : ( مُمْطِرُنَا قَالَ هُودٌ : بَلْ هُوَ رِيحٌ ) بإظهار المُقَدَّرِ .