السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

{ فلما رأوه } أي : العذاب الذي توعدهم به { عارضا } أي : سحاباً أسود بارزاً في الأفق ، ظاهر الأمر عند من له أهلية النظر ، حال كونه قاصداً إليهم . { مستقبل أوديتهم } أي : طالباً لأن يكون مقابلاً لها وموجداً لذلك . { قالوا } على عادة جهلهم ، مشيرين إليه بأداة القرب الدالة على أنهم في غاية الجهل ، لأنّ جهلهم به استمّر حتى كاد أن يواقعهم . { هذا عارض } أي : سحاب معترض في عرض السماء . أي : ناحيتها . { ممطرنا } قال المفسرون : كان حبس عنهم المطر أياماً فساق الله تعالى إليهم سحابة سوداء فخرجت عليهم من واد لهم يقال له المغيث فلما رأوها استبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا فقال الله تعالى { بل هو } أي : هذا العارض الذي ترونه { ما استعجلتم به } أي : طلبتم العجلة في إتيانه وقوله تعالى : { ريح } بدل من { ما } { فيها عذاب أليم } أي : شديد الإيلام وروي أنها كانت تحمل الفسطاط فترفعه في الجوّ ، وتحمل الظعينة في الجوّ ، فترفعها وهودجها حتى ترى كأنها جرادة وكانوا يرون ما كان خارجاً عن منازلهم من الناس والمواشي تطير بهم الريح بين السماء والأرض ، ثم تقذف بهم .