فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِيحٞ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (24)

{ فلما رأوه } الضمير يرجع إلى ما في قوله : { بما تعدنا } وقال المبرد والزجاج يعود إلى غير مذكور وبينه قوله { عارضا } فيعود إلى السحاب أي فلما رأوا السحاب عارضا ، فعارضا نصب على التكرير بمعنى التفسير وسمي السحاب عارضا لأنه يبدو في عرض السماء ، قال ابن عباس : العارض السحاب وبه قال الجوهري ، وزاد يعترض في الأفق ومنه قوله : { هذا عارض ممطرنا } ، وانتصاب عارضا على الحال أو التمييز .

{ مستقبل أوديتهم } أي متوجها نحوها سائرا إليها ، قال المفسرون : كانت عاد قد حبس عنهم المطر أياما فساق الله إليهم سحابة سوداء فخرجت عليهم من واد لهم يقال له المعتب فلما رأوه مستقبل أوديتهم استبشروا .

و { قالوا : هذا عارض ممطرنا } أي غيم فيه مطر وقوله مستقبل أوديتهم صفة لعارض لأن إضافته لفظية لا معنوية فصح وصف النكرة به وهكذا ممطرنا ، فلما قالوا ذلك أجاب عليهم هودا القائل هو الله : { بل هو ما استعجلتم به } من العذاب حيث قلتم : فائتنا بما تعدنا .

{ ريح فيها عذاب أليم } الريح التي عذبوا بها نشأت من ذلك السحاب الذي رأوه { تدمر كل شيء بأمر ربها } صفة ثانية لريح أي تهلك كل شيء مرت به من نفوس عاد وأموالها ، والتدمير الإهلاك وكذا الدماء ، وقرئ يدمر بالتحتية مفتوحة وسكون الدال وضم الميم ورفع كل على الفاعلية من دمر دمارا ومعنى بأمر ربها أن ذلك بقضائه وقدره .