في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا} (6)

( إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا ) . .

( ناشئة الليل )هي ما ينشأ منه بعد العشاء ؛ والآية تقول : ( إن ناشئة الليل هي أشد وطأ ) : أي أجهد للبدن ، ( وأقوم قيلا ) : أي أثبت في الخير [ كما قال مجاهد ] فإن مغالبة هتاف النوم وجاذبية الفراش ، بعد كد النهار ، أشد وطأ وأجهد للبدن ؛ ولكنها إعلان لسيطرة الروح ، واستجابة لدعوة الله ، وإيثار للأنس به ، ومن ثم فإنها أقوم قيلا ، لأن للذكر فيها حلاوته ، وللصلاة فيها خشوعها ، وللمناجاة فيها شفافيتها . وإنها لتسكب في القلب أنسا وراحة وشفافية ونورا ، قد لا يجدها في صلاة النهار وذكره . . والله الذي خلق هذا القلب يعلم مداخله وأوتاره ، ويعلم ما يتسرب إليه وما يوقع عليه ، وأي الأوقات يكون فيها أكثر تفتحا واستعدادا وتهيؤا ، وأي الأسباب أعلق به وأشد تأثيرا فيه .

والله - سبحانه - وهو يعد عبده ورسوله محمدا [ صلى الله عليه وسلم ] ليتلقى القول الثقيل ، وينهض بالعبء الجسيم ، اختار له قيام الليل ، لأن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا . ولأن له في النهار مشاغله ونشاطه الذي يستغرق كثيرا من الطاقة والالتفات :

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا} (6)

المفردات :

ناشئة الليل : العبادة التي تنشأ به وتحدث ، أو إحياء ما بين المغرب والعشاء ، أو إحياء الساعات التالية لصلاة العشاء .

أشد وطئا : ثباتا للقدم ، ورسوخا في العبادة ، وقيل : أكثر مواطأة وتوافقا بين القلب واللسان .

أقوم قيلا : أثبت قراءة لحضور القلب فيها .

التفسير :

2- إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا .

ناشئة الليل . ساعات الليل ، وقيل : الصلاة بين المغرب والعشاء ، وقيل : ناشئة الليل هي الساعات التي تلي صلاة العشاء ، وقيل : هي الثلث الأخير من الليل .

وفي الصحيح : ( ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ، فيقول : يا عبادي ، هل من داع فأستجيب له ، هل من مستغفر فأغفر له ، هل من تائب فأتوب عليه ، هل من طالب حاجة فأقضيها له ، حتى يطلع الفجر ) . v .

وقيل : ناشئة الليل هي جميع ساعات الليل وأوقاته ، حيث جعل الله ليلا سباتا ، ونوما وراحة ، فقيام المؤمن يصلّي في ظلام الليل ، وقد غارت النجوم ، ونامت العيون ، وبقي الله الحي القيوم ، يجعل لهذه الصلاة مذاقا خاصّا ، حيث يترك المؤمن فراشه ويتجافى عنه ، ويدعو ربه .

كما قال تعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون* فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون . ( السجدة : 16 ، 17 ) .

وقال تعالى : كانوا قليلا من الليل ما يهجعون* وبالأسحار هم يستغفرون . ( الذاريات : 17 ، 19 ) .

وفي الحديث الشريف : ( عليكم بقيام الليل ، فإنه دأب الصالحين قبلكم ، ومطردة للدّاء عن الجسد ) . vi .

وقيام الليل يكون سببا في نور القبور على أصحابها ، وفي قيام الليل صفاء وهدوء وراحة وسعادة ، وموافقة القلب للسان ، وتغلّب على الخلود إلى النوم .

ومعنى الآية :

إن ناشئة الليل . ما ينشأ في ساعات الليل بعد العشاء .

هي أشدّ وطئا . أجهد للبدن ، أو أشد مواطأة وموافقة بين القلب واللسان .

وأقوم قيلا . أثبت وأبين قولا لهدوء الأصوات ، وانقطاع الحركات ، وذلك أعون للنفس على التدبّر والتأمل في أسرار القرآن ومقاصده .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا} (6)

{ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ( 6 ) }

إن العبادة التي تنشأ في جوف الليل هي أشد تأثيرًا في القلب ، وأبين قولا ؛ لفراغ القلب مِن مشاغل الدنيا .