الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا} (6)

وقوله سبحانه : { إِنَّ نَاشِئَةَ الليل } قال ابن جُبَيْرٍ وغيره : هي لَفْظَةٌ حَبَشِيَّةٌ ؛ نَشَأَ الرجلُ إذا قَامَ من الليلِ ف { نَاشِئَةَ } على هذا جَمْعُ ناشئ أي : قَائِمٌ ، و{ أَشَدُّ وَطْأً } معناه : ثُبُوتاً واسْتِقْلاَلاً بالقيام ، وقرأ أبو عمرو وابن عامر وجماعة كابن عباس وابن الزبير وغيرهم : ( وطَاءً ) بكسر الواوِ مَمْدُوداً عَلى وَزْنِ «فِعَالِ » على معنى المُوَاطَأَةِ والموَافَقَةِ ، وهو أن يواطئ قلبَه لسانهُ ، والموَاطأةُ هِي الموافَقَةُ ، فهذه مواطأَةٌ صحيحة ؛ لخلو البَالِ من أشْغَالِ النَّهارِ ، وبهذا المعنى فَسَّر اللفظَ مجاهدٌ وغيره ، قال الثعلبيّ : واخْتَارَ هذه القراءةَ أبو عبيدِ وقال جماعة : { نَاشِئَةَ الليل } سَاعَاتُه كلُّها ، لأَنَّها تَنْشَأ شَيْئاً بعد شيءٍ ، وقيل في تفسير { نَاشِئَةَ الليل } غَيْرُ هذا ، وقرأ أنس بن مالك و( أصْوَبُ قِيلاً ) فقيل له : إنما هو{ أَقْوَمُ } فَقَالَ : أقْوَمُ وأصْوَبُ وَاحِدٌ .