الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا} (6)

ثم قال : ( إن ناشئة الليل هي أشد وطئا . . )

قال ابن عمر {[71063]} وأنس بن مالك {[71064]} وعلي بن الحسين {[71065]} ، ناشئة الليل : ما بين المغرب والعشاء .

وقال الحسن والحكم : ناشئة الليل من العشاء الآخرة إلى الصبح {[71066]} ، وقال ابن عباس و( ابن ) {[71067]} الزبير : الليل كله ناشئة {[71068]} وهو قول ابن جبير ومجاهد {[71069]} ، وأصله من نشأ إذا ابتدأ {[71070]} ، فعل هذا بناه من قال إنه {[71071]} من المغرب إلى العشاء الآخرة .

وقد قال الكسائي {[71072]} : ناشئة الليل أوله {[71073]} .

- قوله ( أشد وطئا . . . )

معناه : أثبت قياما {[71074]} .

قال المفسرون : هي أثبت في الخير وأحفظ للقلب {[71075]} ، لأن النهار يضطرب {[71076]} فيه الناس لمعاشهم ، والليل أخلى وأثبته في القيام {[71077]} .

وقيل : معناه : إن صلاة ناشئة الليل هي أشد( وطأ ) {[71078]} على المصلي من صلاة النهار لأن الليل للنوم ، فهي وإن كانت أصعب[ فهي ] {[71079]} أقوم قيلا {[71080]} [ أي ] {[71081]} : أصوب قولا لأن القارئ لا يشغله عن قراءته في الليل شيء يشغله في النهار ما يرى من التصرف {[71082]} ومن [ يعرض ] {[71083]} له من الأمور .

وقيل معناه : ( أشد وطئا ) : أشد أمرا وأشد [ مكابدة ] {[71084]} واحتمالا ومنه قول النبي-صلى الله عليه وسلم- : " اللهم اشدد وطأتك {[71085]} على مضر {[71086]} " {[71087]} وطئت وطأ ، مثل شربت شربا ولقمت لقما {[71088]} .

فأما من قرأ " وِطاء " {[71089]} فإنه جعله مصدر {[71090]} مواطأة ووطاء {[71091]} .

ومعناه : أشد مواطأة {[71092]} للسمع والقلب {[71093]} ، أي : يواطئ فيه السمع القلب فلا يشتغل القلب بشيء عن فهم ما يقرأ ا ، سماعه {[71094]} . وقيل : معناه : اشد علاجا {[71095]} .

قال ابن عباس : ( أشد وطئا ) أي أجدر أن {[71096]} يحصوا ما فرض الله عليهم من القيام . قال : وكانت صلاتهم أول الليل {[71097]} .

وقال {[71098]} الضحاك : معناه قراءة القرآن بالليل أثبت منها في النهار {[71099]} .

وقال مجاهد : ( أشد وطئا ) {[71100]} أي {[71101]} يتواطأ {[71102]} قلبك وسمعك وبصرك بعضه بعضا {[71103]} .

- وقوله {[71104]} : ( وأقوم قيلا )

أي : وأصوب قراءة {[71105]} .

قالجاهد : وأثبت قراءة {[71106]} .

وقال ابن عباس : معناه يقول : أدنى أن يفقهوا {[71107]} في القول .

وقال قتادة : " [ أحفظ ] {[71108]} للقراءة " {[71109]} .

وقال ابن زيد : " وقوم قراءة لفراغه من الدنيا " {[71110]} .


[71063]:- انظر المحرر 16/147, وتفسير القرطبي 19/40, والبحر 8/362.
[71064]:- انظر المصادر السابقة, وتفسير الماوردي 4/333, وزاد المسير 8/391, والدر8/317.
[71065]:- المحرر 16/147,وتفسير القرطبي19/40, والرازي 30/175, وحكاه أيضا عن الضحاك وابن جبير والكسائي, والدر 8/317 وأورده عن سعيد بن جبير أيضا.
[71066]:- انظر: قول الحسن في تفسير القرطبي 19/40, حكاه عن مجاهد أيضا.
[71067]:- ساقط من أ.
[71068]:- انظر: جامع البيان 29128-129 وأخرجه أيضا عن عكرمة والضحاك.
[71069]:- جامع البيان 29/129, وتفسير مجاهد679.
[71070]:- انظر: الغريب لابن قتيبة 493.
[71071]:- أ: فعلى هذا من بناه أنه من قال.
[71072]:- هو أبو الحسن علي بن حمزة الكوفي المعروف بالكسائي, أحد القراء السبعة وإمام الكوفيين في النحو واللغة. أخذ القراءة عن حمزة, ثم اختار لنفسه قراءة, وأخذ النحو عن معاذ ثم عن الخليل. وأخذ عنه الفراء(ت: 189هـ). انظر: البلغة للفيروزابادي:156, والغاية لابن الجزري:1/530, وبغية الوعاة 2/162.
[71073]:- انظر تفسير الرازي 30/175, والبحر 8/363.
[71074]:- جامع البيان 29/129.
[71075]:- في الكشف 2/344:"أخلى للقلب".
[71076]:- " الاضطراب: الحركة" اللسان(ضرب).
[71077]:- انظر: معاني الفراء 3/197 وجامع البيان 29/129.
[71078]:- ساقط من أ.
[71079]:- م: فهو.
[71080]:- أ: قليلا. وهذا القول حكاه الفراء في معانيه 3/197 عن بعضهم ولم يسمهم وهو معنى قول ابن قتيبة في الغريب 493.
[71081]:- ساقط من م.
[71082]:- التصرف" الاصطراف في طلب الكسب, انظر: اللسان( صرف).
[71083]:- م: يغرض.
[71084]:- م: مكابرة. و" المكابدة: المعاناة" اللسان( كبد).
[71085]:- م: وطانك.
[71086]:- أ: مضمر.
[71087]:- هو بعض من حديث أخرجه البخاري في كتاب الدعوات, باب الدعاء على المشركين ح: 6393 وكتاب التفسير, سورة النساء, باب( فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ح: 4598. ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة, باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة, (شرح النووي على مسلم5/176-188) كلاهما عن أبي هريرة. قال ابن حجر في الفتح 11/194:" المراد بمضر القبيلة المشهورة التي منها جميع بطون قيس وقريش وغيرهم وهو على حذف مضاف أي كفار مضر".
[71088]:- في اللسان(لقم):"لَقِْمْت اللقمة أَلْقَمُها لَقْماً إذا أخذتها بفِيكَ"
[71089]:- هي قراءة بعض قراء البصرة ومكة والشام في جامع البيان 29/129, وقراءة أبي عمرو وابن عامر في السبعة 658, والعنوان 199, والنشر2/393, وهي أيضا قراءة ابن عباس وابن الزبير ومجاهد في المحرر16/147.
[71090]:- أ: فإنه مصدر.
[71091]:- انظر: الحجو لابن خالويه 354, والحجة لأبي زرعة: 730, والكشف 2/344.
[71092]:- أ: ومعنى أشد وطئا أشد مواطأة.
[71093]:- أ: للقلب والسمع.
[71094]:- انظر الغريب لابن قتيبة 493, وجامع البيان 29/129.
[71095]:- أ: عاجلا. حكاه في الكشف2/344 عن الفراء, وانظر: معانيه3/197.
[71096]:- أ: أي .
[71097]:- انظر جامع البيان 29/130.
[71098]:- أ: قال.
[71099]:- أ: منها بالنهار. وانزر: جامع البيان29/130.
[71100]:- ث: وطاء.
[71101]:- ساقط من أ.
[71102]:- أ, ث: يتوطأ.
[71103]:- انظر: جامع البيان 29/130, والدر8/317.
[71104]:- أ: قوله.
[71105]:- انظر جامع البيان 29/130.
[71106]:- انظر: الدر8/317.
[71107]:- أ: تفقهوا. وكذا هي في جامع البيان 29/131 قال:" أدنى من أن تفقهوا القرآن".
[71108]:- م, ث: اخفض.
[71109]:- المصدر السابق.
[71110]:- جامع البيان 29/131.