جنى الجنتين : ما يجنى ويؤخذ من ثمار أشجارهما .
دان : قريب ، يناله القاعد والقائم ، والمضطجع والمتكئ .
54 ، 55- { مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .
الجنة كل ما فيها جميل طيب ، وفيها تكريم أهلها ، مع نعيم حسي وآخر معنوي .
معتمدين على فرش بطانتها من إِسْتَبْرَقٍ . حرير ثخين ، وقد دلّ على شرف الأعلى وهو الظِّهارة بالنص على فضل البطانة .
قيل لابن عباس : بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ . فما الظواهر ؟ قال : ذلك مما قال تعالى : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين . . . } ( السجدة : 17 ) .
{ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } .
وثمر الجنتين قريب يناله القائم والقاعد والمضطجع ، بخلاف ثمار الدنيا فإنها لا تُنال إلا بكدٍّ وتعب .
تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله إن شاء قائما ، وإن شاء قاعدا ، وإن شاء مضطجعا . أ . ه .
قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان متكئين على فرش } جمع فراش ، { بطائنها } جمع بطانة ، وهي التي تحت الظهارة . وقال الزجاج وهي مما يلى الأرض . { من إستبرق } وهو ما غلظ من الديباج . قال ابن مسعود وأبو هريرة هذه البطائن فما ظنكم بالظواهر ؟ وقيل لسعيد بن جبير : البطائن من إستبرق ، والظواهر ؟ قال : هذا مما قال الله عز وجل : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين }( السجدة-17 ) ، وعنه أيضاً قال : بطائنها من إستبرق فظواهرها من نور جامد . وقال ابن عباس : وصف البطائن وترك الظواهر لأنه ليس في الأرض أحد يعرف ما الظواهر . { وجنى الجنتين دان } الجنى ما يجتنى من الثمار ، يريد : ثمرهما دان يناله القائم والقاعد والنائم . قال ابن عباس : تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله ، إن شاء قائماً وإن شاء قاعداً . قال قتادة : لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك .
" متكئين على فرش " هو نصب على الحال . والفرش جمع فراش . وقرأ أبو حيوة " فرش " بإسكان الراء " بطائنها من إستبرق " جمع بطانة وهي التي تحت الظهارة والإستبرق ما غلظ من الديباج وخشن ، أي إذا كانت البطانة التي تلي الأرض هكذا فما ظنك بالظهارة ، قاله ابن مسعود وأبو هريرة . وقيل لسعيد بن جبير : البطائن من إستبرق فما الظواهر ؟ قال : هذا مما قال الله : " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين{[14579]} " [ السجدة : 17 ] . وقال ابن عباس : إنما وصف لكم بطائنها لتهتدي إليه قلوبكم ، فأما الظواهر فلا يعلمها إلا الله . وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ظواهرها نور يتلألأ " . وعن الحسن : بطائنها من إستبرق ، وظواهرها من نور جامد . وعن الحسن أيضا : البطائن هي الظواهر ، وهو قول الفراء ، وروي عن قتادة . والعرب تقول للظهر بطنا ، فيقولون : هذا ظهر السماء ، وهذا بطن السماء ، لظاهرها الذي نراه . وأنكر ابن قتيبة وغيره هذا ، وقالوا : لا يكون هذا إلا في الوجهين المتساويين إذا ولي كل واحد منهما قوما ، كالحائط بينك وبين قوم ، وعلى ذلك أمر السماء . " وجنى الجنتين دان " الجنى ما يجتنى من الشجر ، يقال : أتانا بجناة طيبة لكل ما يجتنى . وثمر جني على فعيل حين جني ، وقال{[14580]} :
هذا جَنَايَ وخيارُه فيه *** إذ كلُّ جانٍ يدُه إلى فِيه
وقرئ " جِنَى " بكسر الجيم . " دان " قريب . قال ابن عباس : تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله إن شاء قائما وإن شاء قاعدا وإن شاء مضطجعا ، لا يرد يده بُعْدٌ ولا شوك .
ولما كان التفكه لا يكمل حسنه إلا مع التنعم من طيب الفرش وغيره ، قال مخبراً عن الذين يخافون مقام ربهم من قبيلي الإنس والجن مراعياً معنى { من } بعد مراعاة لفظها تحقيقاً للواقع : { متكئين } أي لهم ما ذكر في حال الاتكاء وهو التمكين بهيئة المتربع أو غيره من الكون على جنب ، قال في القاموس : توكأ عليه : تحمل ، واعتمد كأوكأ ، والتكأة كهمزة : العصا ، وما يتوكأ عليه ، وضربه فأتكأه : ألقاه على هيئة المتكئ أو على جانبه الأيسر ، وقال ابن القطاع{[62001]} : وضربته حتى أتكأته أي سقط على جانبه ، وهو يدل على تمام التنعم بصحة الجسم وفراغ البال { على فرش } وعظمها بقوله مخاطباً للمكلفين بما تحتمل عقولهم وإلا فليس{[62002]} في الجنة ما يشبهه على الحقيقة شيء من الدنيا { بطائنها } أي فما ظنك بظواهرها{[62003]} ووجوهها { من إستبرق } وهو ثخين الديباج يوجد فيه من حسنه بريق كأنه من{[62004]} شدة لمعانه يطلب إيجاده حتى كأنه نور مجرد .
ولما كان المتكىء قد يشق عليه القيام لتناول ما يريد قال : { وجنا الجنتين } أي مجنيهما اسم بمعنى المفعول{[62005]} - كأنه عبر به ليفهم سهولة نفس المصدر الذي هو الاجتناء { دان * } أي قريب من كل من{[62006]} يريده من متكىء وغيره لا يخرج إلى صعود شجرة ، وموجود من كل حين يراد غير مقطوع ولا ممنوع .