نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ فُرُشِۭ بَطَآئِنُهَا مِنۡ إِسۡتَبۡرَقٖۚ وَجَنَى ٱلۡجَنَّتَيۡنِ دَانٖ} (54)

ولما كان التفكه لا يكمل حسنه إلا مع التنعم من طيب الفرش وغيره ، قال مخبراً عن الذين يخافون مقام ربهم من قبيلي الإنس والجن مراعياً معنى { من } بعد مراعاة لفظها تحقيقاً للواقع : { متكئين } أي لهم ما ذكر في حال الاتكاء وهو التمكين بهيئة المتربع أو غيره من الكون على جنب ، قال في القاموس : توكأ عليه : تحمل ، واعتمد كأوكأ ، والتكأة كهمزة : العصا ، وما يتوكأ عليه ، وضربه فأتكأه : ألقاه على هيئة المتكئ أو على جانبه الأيسر ، وقال ابن القطاع{[62001]} : وضربته حتى أتكأته أي سقط على جانبه ، وهو يدل على تمام التنعم بصحة الجسم وفراغ البال { على فرش } وعظمها بقوله مخاطباً للمكلفين بما تحتمل عقولهم وإلا فليس{[62002]} في الجنة ما يشبهه على الحقيقة شيء من الدنيا { بطائنها } أي فما ظنك بظواهرها{[62003]} ووجوهها { من إستبرق } وهو ثخين الديباج يوجد فيه من حسنه بريق كأنه من{[62004]} شدة لمعانه يطلب إيجاده حتى كأنه نور مجرد .

ولما كان المتكىء قد يشق عليه القيام لتناول ما يريد قال : { وجنا الجنتين } أي مجنيهما اسم بمعنى المفعول{[62005]} - كأنه عبر به ليفهم سهولة نفس المصدر الذي هو الاجتناء { دان * } أي قريب من كل من{[62006]} يريده من متكىء وغيره لا يخرج إلى صعود شجرة ، وموجود من كل حين يراد غير مقطوع ولا ممنوع .


[62001]:- راجع كتاب الأفعال 1/ 121.
[62002]:- من ظ، وفي الأصل: ليس.
[62003]:- في الأصل: بظاهرها، وفي ظ: ظواهرها.
[62004]:- زيد من ظ.
[62005]:- من ظ، وفي الأصل: مفعول.
[62006]:- في ظ: في.