في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا} (23)

ثم يمضي السياق خطوة وراء النفخ والحشر ، فيصور مصير الطغاة ومصير التقاة . بادئا بالأولين المكذبين المتسائلين عن النبأ العظيم :

( إن جهنم كانت مرصادا ، للطاغين مآبا ، لابثين فيها أحقابا . لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ، إلا حميما وغساقا . جزاء وفاقا . إنهم كانوا لا يرجون حسابا ، وكذبوا بآياتنا كذابا . وكل شيء أحصيناه كتابا . فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ) . .

إن جهنم خلقت ووجدت وكانت مرصادا للطاغين تنتظرهم وتترقبهم وينتهون إليها فإذا هي معدة لهم ، مهيأة لاستقبالهم . وكأنما كانوا في رحلة في الأرض ثم آبوا إلى مأواهم الأصيل !

وهم يردون هذا المآب للإقامة الطويلة المتجددة أحقابا بعد أحقاب :

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا} (23)

17

المفردات :

أحقابا : دهورا متتابعة لا نهاية لها .

التفسير :

23- لابثين فيها دهورا متتابعة ، كلما مضى منها حقب- أي آلاف السنين- تبعه حقب آخر إلى ما لا نهاية ، فلا يخرجون منها أبدا .

قال الحسن : الحقب : زمان غير محدود .

قال تعالى : والذين كفروا لهم نار جهن لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور . ( فاطر : 36 ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا} (23)

وجعلها مثوى لهم ومآبا ، وأنهم يلبثون فيها أحقابا كثيرة و { الحقب } على ما قاله كثير من المفسرين : ثمانون سنة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا} (23)

{ لابثين } قرأ حمزة ويعقوب : لبثين بغير ألف ، وقرأ العامة : { لابثين } بالألف وهما لغتان . { فيها أحقابا } جمع حقب ، والحقب الواحد : ثمانون سنة ، كل سنة اثنا عشر شهراً ، كل شهر ثلاثون يوماً ، كل يوم ألف سنة . روي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وقال مجاهد : الأحقاب ثلاثة وأربعون حقباً كل حقب سبعون خريفاً ، كل خريف سبعمائة سنة ، كل سنة ثلاثمائة وستون يوماً ، كل يوم ألف سنة . قال الحسن : إن الله لم يجعل لأهل النار مدة ، بل قال : { لابثين فيها أحقابا } فوالله ما هو إلا إذا مضى حقب دخل آخر ثم آخر إلى الأبد ، فليس للأحقاب عدة إلا الخلود . روى السدي عن مرة عن عبد الله قال : لو علم أهل النار أنهم يلبثون في النار عدد حصى الدنيا لفرحوا ، ولو علم أهل الجنة أنهم يلبثون في الجنة عدد حصى الدنيا لحزنوا . وقال مقاتل بن حيان : الحقب الواحد سبع عشرة ألف سنة . قال : وهذه الآية منسوخة نسختها { فلن نزيدكم إلا عذابا } يعني أن العدد قد ارتفع والخلود قد حصل .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحۡقَابٗا} (23)

ولما{[71165]} ذكر مصيرهم إليها ذكر{[71166]} إقامتهم فيها فقال حالاً من ضمير " الطاغين " : { لابثين فيها } ولما كان جمع القلة يستعار للكثرة{[71167]} فكان الحقب يطلق على الزمان من غير حد ، ويطلق على زمان محدود ، فقيل على ثمانين سنة ، وعلى سبعين ألف سنة ، فكان السياق من تصدير السورة بالنبأ وبوصفه مع التعبير بالنبأ العظيم{[71168]} وما بعد ذلك يفهم أن المراد الدوام إن أريد ما لا حد له وأن المراد إن أريد المحدود جمع الكثرة ، وأكثر ما فسر به{[71169]} الحقب ، وأنه للمبالغة{[71170]} لا التحديد ، كان جمع القلة هنا غير مشكل ، فمن حمله على ما دون ذلك فكفاه زاجراً لم يضره التعبير به-{[71171]} ، ومن اجترأ عليه واستهان به كان فتنة له كما كان حصر عدد الخزنة للنار بتسعة عشر{[71172]} فلم يضر إلا نفسه ، فلذلك عبر عن ظرف اللبث بقوله{[71173]} : { أحقاباً * } أي دهوراً عظيمة متتابعة لا انقضاء لها على أن التعبير به - ولو حمل على الأقل وجعل منقضياً - لا ينافي ما صرح فيه بالخلود لأنه أثبت شيئاً ولم ينف ما فوقه ، وعن الحسن{[71174]} أنه قال-{[71175]} : لا يكاد يذكر الحقب إلا حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها من غير انقضاء .


[71165]:من ظ و م، وفي الأصل: ثم.
[71166]:من ظ و م، وفي الأصل: ذاكر.
[71167]:من ظ و م، وفي الأصل: لكثرة.
[71168]:في م: بالعظيم.
[71169]:من ظ و م، وفي الأصل: فيه.
[71170]:من ظ و م، وفي الأصل: المبالغة.
[71171]:زيد من ظ و م.
[71172]:من ظ و م، وفي الأصل: تسعة عشر.
[71173]:زيد يف الأصل: فيها، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71174]:راجع المعالم 7/167.
[71175]:زيد من ظ.