في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ} (3)

فتدل على كرم الخالق فوق ما تدل على قدرته . فمن كرمه رفع هذا العلق إلى درجة الإنسان الذي يعلم فيتعلم : ( اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم ) . .

وإنها لنقلة بعيدة جدا بين المنشأ والمصير . ولكن الله قادر . ولكن الله كريم . ومن ثم كانت هذه النقلة التي تدير الرؤوس !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ} (3)

المفردات :

الأكرم : له كمال الكرم .

علم بالقلم : جعل الكتابة وسيلة العلم .

علم الإنسان ما لم يعلم : أوجد فيه قوة إدراك المعلومات وطاقات تحصيلها ، ويسر له الدرس .

التفسير :

3 ، 4 ، 5- اقرأ وربك الأكرم* الذي علّم بالقلم* علّم الإنسان ما لم يعلم .

اقرأ الوحي ، وربك الأكرم . كثير الكرم والفضل ، حين أفاء عليك بالنبوة ، وأنزل عليك الوحي ، وأعطاك الشريعة السّمحة التي ختم الله بها الشرائع ويسرها للناس ، ونيسّرك لليسرى . ( الأعلى : 8 ) .

الذي علّم بالقلم .

وبواسطة القلم كتبت الشرائع والعلوم والفنون ، والآثار والأخبار ، والتوراة والإنجيل ، والزبور والفرقان ، والحكمة والسّنّة ، لذلك أقسم الله بالقلم والدواة .

قال تعالى : ن والقلم وما يسطرون . ( القلم : 1 ) .

وأنزل القرآن ليتلى ويقرأ ، ثم يكتب ويسطّر ، واختار النبي أميّا ليكون معجزة بارزة ، فهذا الأميّ لم يقرأ كتابا ، ولم يخط بيمينه كتابا ، ومع هذا يقرأ هذا الوحي المبين الحكيم المعجز ، ويتحدّى به الناس أجمعين ، مما يدل على أنه ليس من صنع بشر ، بل تنزيل من رب العالمين .

علّم الإنسان ما لم يعلم .

أفاض الله الوحي والتشريع ، والهدى والقصص ، وأخبار الأولين والآخرين ، ومشاهد القيامة ، وأدب الدنيا والدين في هذا الوحي ، ليعلم به الإنسان كل ما لم يعلمه ، فسبحان المعلم الذي اختار رسولا وأنزل عليه وحيا ، ليعلّم الإنسان ما لم يعلمه إلا بطريق الوحي .

قال تعالى : إني أعلم ما لا تعلمون . ( البقرة : 30 ) .

وفي الأثر : ( من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يكن يعلم ) .

يقول أحمد شوقي :

سبحانك اللهم خير معلم *** علّمت بالقلم القرون الأولى

أرسلت بالتوراة موسى مرسلا *** وابن البتول فعلّم الإنجيلا

وفجرت ينبوع البيان محمدا *** فسقى الحديث وعلم التأويلا

الجهل لا تحيا عليه جماعة *** كيف الحياة على يدي عزريلا

ناشدتكم تلك الدماء زكية *** لا تبعثوا للبرلمان جهولا

فترى الذين بنى المسلّة جدّهم *** لا يحسنون لإبرة تشكيلا

جاء في تفسير القرطبي ما يأتي :

نبّه تعالى على فضل علم الكتابة ، لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها الإنسان ، وما دوّنت العلوم ولا قيدت الحكم ، ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة ، ولولاها ما استقامت أمور الدنيا والدين . اه .

وقال ابن كثير في تفسير هذه الآيات :

أول شيء نزل من القرآن هذه الآيات المباركات ، وهن أول رحمة رحم الله بها العباد ، وأول نعمة أنعم الله بها عليهم ، وفيها التنبيه على ابتداء خلق الإنسان من علقة ، وأن من كرمه تعالى أن علّم الإنسان ما لم يعلم ، فشرّفه الله وكرّمه بالعلم ، وهو القدر الذي امتاز به أدم على الملائكة . اه .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ} (3)

{ اقرأ وربك الأكرم } يعني الحليم عن جهل العباد فلا يعجل عليهم بالعقوبة .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ} (3)

قوله تعالى : " اقرأ " تأكيد ، وتم الكلام ، ثم استأنف فقال : " وربك الأكرم " أي الكريم . وقال الكلبي : يعني الحليم عن جهل العباد ، فلم يعجل بعقوبتهم . والأول أشبه بالمعنى ، لأنه لما ذكر ما تقدم من نعمه ، دل بها على كرمه . وقيل : " اقرأ وربك " أي اقرأ يا محمد وربك يعينك ويفهمك ، وإن كنت غير القارئ . و " الأكرم " بمعنى المتجاوز عن جهل العباد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ} (3)

ولما أتم سبحانه ما أراد من أمر الخلق وهو الإيجاد بالأسباب بالتدريج ، آخذ في التنبيه على عالم الأمر وهو الإبداع من غير أسباب ، فقال مكرراً للأمر بالقراءة تنبيهاً على عظم شأنها ، وتأنيساً له صلى الله عليه وسلم ، ومسكناً لروعه ، ومعلماً أن من جاءه الأمر من قبله ليس كأربابهم : { اقرأ } ولما كان قد قال صلى الله عليه وسلم عند هذا الأمر إخباراً بالواقع كما يقول لسان الحال لو لم ينطق بلسان المقال : ما أنا بقارىء ، فكان التقدير : فربك الذي رباك فأحسن تربيتك ، وأدبك فأحسن تأديبك ، أمرك بالقراءة ، وهو قادر على جعلك قارئاً ، عطف عليه قوله : { وربك } أو يكون التقدير : والحال أن الذي خصك بالإحسان الجم { الأكرم * } أي الذي له الكمال الأعظم مطلقاً من جهة الذات ، ومن جهة الصفات ، ومن جهة الأفعال ، فلا يلحقه نقص في شيء من الأشياء أصلاً ؛ لأن حقيقته البعيد عن اللوم الجامع لمساوىء الأخلاق ، فهو الجامع لمعالي الأخلاق ، وليس غيره يتصف بذلك ، فهو يعطيك ما لا يدخل تحت الحصر .